بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٣٧
لان القبول أحد شطرى الركن وأهلية القبول لا تثبت بدون العقل لان ما هو المقصود من هذا العقد وهو الكسب لا يحصل منه فان كاتبه فادى البدل عنه رجل فقبله المولى لا يعتق لان العتق لا ينعقد بدون القبول ولم يوجد فكان أداء الأجنبي أداء من غير عقد فلا يعتق وله أن يسترد ما أدى لأنه أداه بدلا عن العتق ولم يسلم العتق ولو قبل عنه الرجل الكتابة ورضى المولى لم يجز أيضا لان الرجل قبل الكتابة من غيره من غير رضاه ولا يجوز قبول الكتابة عن غيره بغير رضاه وهل يتوقف على إجازة العبد بعد البلوغ ذكر القدوري أنه لا يتوقف وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أنه يتوقف والصحيح ما ذكره القدوري لان تصرف الفضولي إنما يتوقف على الإجازة إذا كان له مجيز وقت التصرف وههنا لا مجيز له وقت وجوده إذ الصغير ليس من أهل الإجازة فلا يتوقف بخلاف ما إذا كان العبد كبيرا غائبا فجاء رجل وقبل الكتابة عنه ورضى المولى ان الكتابة تتوقف على إجازة العبد لأنه من أهل الإجازة وقت قبول الفضولي عنه فكان له مجيزا وقت التصرف فتوقف فلو أدى القابل عن الصغير إلى المولى ذكر في الأصل أنه يعتق استحسانا وجعله بمنزلة قوله إذا أديت إلى كذا فعبدي حر وقال وهذا والكبير سواء القياس أن لا يعتق لان المكاتبة على الصغير لم تنعقد لأنه ليس من أهل القبول فيبقى الأداء بغير مكاتبة فلا يعتق وجه الاستحسان ان المكاتبة فيها معنى المعاوضة ومعنى التعليق والمولى إن كان لا يملك الزام العبد العوض يملك تعليق عتقه بالشرط فيصح من هذا الوجه ويتعلق العتق بوجود الشرط وكذا إذا كان العبد كبيرا غائبا فقبل الكتابة عنه فضولي وأداها إلى المولى يعتق استحسانا وليس للقابل استرداد المؤدى والقياس أن لا يعتق وله أن يسترد لما قلنا هذا إذا أدى الكل فان أدى البعض فله ان يسترد قياسا واستحسانا لأنه إنما أدى ليسلم العتق والعتق لا يسلم بأداء بعض بدل الكتابة فكان له أن يسترد الا إذا بلغ العبد فأجاز قبل أن يسترد القابل فليس له ان يسترد بعد ذلك لان بالإجازة استند جواب العقد إلى وقت وجوده والأداء حصل عن عقد جائز فلا يكون له الاسترداد فلو أن العبد عجز عن أداء الباقي ورد في الرق فليس له أن يسترد أيضا وان رد العبد في الرق لان المكاتبة لا تنفسخ بالرد في الرق بل تنتهى في المستقبل فكان حكم العقد قائما في القدر المؤدى فلا يكون له الاسترداد بخلاف باب البيع بأن من باع شيئا ثم تبرع انسان بأداء الثمن ثم فسخ البيع بالرد العيب أو بوجه من الوجوه ان للمتبرع ان يسترد ما دفع لان الرفع كان بحكم العقد وقد انفسخ ذلك العقد وكذلك لو تبرع رجل بأداء المهر عن الزوج ثم ورد الطلاق قبل الدخول انه يسترد منها النصف لان الطلاق قبل الدخول فسخ من وجه ولو كانت الفرق من قبلها قبل الدخول بها فله أن يسترد منها كل المهر ولا يكون المهر للزوج بل يكون للمتبرع لانفساخ النكاح هذا كله إذا أدى القابل فلو امتنع القابل عن الأداء لا يطالب بالأداء الا إذا ضمن فحينئذ يؤخذ به بحكم الضمان فاما بلوغه فليس بشرط حتى لو كاتبه وهو يعقل البيع والشراء جازت المكاتبة ويكون كالكبير في جميع أحكامه عندنا خلافا للشافعي لان المكاتبة اذن في التجارة واذن الصبي العاقل بالتجارة صحيح عندنا خلافا له وهي من مسائل المأذون (فصل) وأما الذي يرجع إلى بدل الكتابة فمنها أن يكون مالا وهو شرط الانعقاد فلا تنعقد المكاتبة على الميتة والدم لأنهما ليسا بمال في حق أحد لا في حق المسلم ولا في حق الذمي ألا ترى ان المشترى بهما لا يملك وان قبض ولا تنعقد عليهما الا مكاتبة حتى لا يعتق وان أدى لان التصرف الباطل لا حكم له فكان ملحقا بالعدم الا إذا كان قال على أنك ان أديت إلى فأنت حر فادى فإنه يعتق بالشرط وإذا أعتق بالشرط لا يرجع المولى عليه بقيمته لان هذا ليس بمكاتبة إنما هو اعتاق معلق بالشرط بمنزلة قوله إن دخلت الدار فأنت حر ومنها أن يكون متقوما وانه من شرائط الصحة فلا تصح مكاتبة المسلم عبده المسلم أو الذمي على الخمر أو الخنزير ولا مكاتبة الذمي عبده المسلم على الخمر والخنزير لان الخمر وإن كان مالا في حق المسلمين فهي غير متقومة في حقهم فانعقدت المكاتبة على الفساد فان أدى يعتق وعليه قيمة نفسه لان هذا حكم المكاتبة الفاسدة على ما نذكر في بيان حكم المكاتبة أما الذمي فتجوز مكاتبته عبده الكافر على
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222