والألواح تابعة للصناعة بدليل ان من غصب خشبة فعملها سفينة ملكها فكان تركيب الألواح بمنزلة اتخاذ سفينة أخرى فلم يجبر على تسليمها إلى المستأجر بخلاف الدار لان عرصة الدار ليست بتابعة للبناء بل العرصة فيها أصل فإذا بناها فقد بنى تلك الدار بعينها فيجبر على التسليم وقال محمد فيمن استأجر رحى ماء سنة فانقطع الماء بعد ستة أشهر فامسك الرحى حتى مضت المدة فعليه أجر للستة أشهر الماضية ولا شئ عليه لما بقي لان منفعة الرحى قد بطلت فانفسخ العقد قال فإن كان البيت ينتفع به لغير الطحن فعليه من الاجر بحصته لأنه بقي شئ من المعقود عليه له حصة في العقد فإذا استوفى لزمه حصته فان سلم المؤاجر الدار الا بيتا منها ثم منعه رب الدار أو غيره بعد ذلك من البيت فلا أجر على المستأجر في البيت لأنه استوفى بعض المعقود عليه دون بعض فلا يكون عليه حصة ما لم يستوف وللمستأجر أن يمتنع من قبول الدار بغير البيت وأن يفسخ الإجارة إذا حدث ذلك بعد قبضه لان الصفقة تفرقت في المعقود عليه وهو المنافع وتفرق الصفقة يوجب الخيار ولو استأجر دارا أشهرا مسماة فلم تسلم إليه الدار حتى مضى بعض المدة ثم أراد أن يتسلم الدار فيما بقي من المدة فله ذلك وليس للمستأجر أن يأبى ذلك وذلك لو كان المستأجر طلبها من المؤاجر فمنعه إياها ثم أراد أن يسلمها فذلك له وليس للمستأجر أن يمتنع لان الخيار إنما يثبت بحدث تفرق الصفقة بعد حصولها مجتمعة والصفقة ههنا حينما وقعت وقعت متفرقة لان المنافع تحدث شيئا فشيئا فكان كل جزء من المنافع كالمعقود عليه عقدا مبتدأ فكان أول جزء من المنفعة مملوكا بعقد والثاني مملوكا بعقد آخر وما ملك بعقدين فتعذر التسليم في أحدهما لا يؤثر في الاخر فان استأجر دارين فسقطت إحداهما أو منعه مانع من إحداهما أو حدث في إحداهما عيب فله أن يتركهما جميعا لأن العقد وقع عليهما صفقة واحدة وقد تفرقت عليه فيثبت له الخيار والله عز وجل أعلم والثاني عدم حدوث عذر بأحد العاقدين أو بالمستأجر فان حدث بأحدهما بالمستأجر عذر لا يبقى العقد لازما وله أن يفسخ وهذا عند أصحابنا وعند الشافعي هذا ليس بشرط بقاء العقد لازما ولقب المسألة ان الإجارة تفسخ بالاعذار عندنا خلافا له (وجه) قوله إن الإجارة أحد نوعي البيع فيكون لازما كالنوع الآخر وهو بيع الأعيان والجامع بينهما ان العقد انعقد باتفاقهما فلا ينفسخ الا باتفاقهما ولنا ان الحاجة تدعو إلى الفسخ عند العذر لأنه لو لزم العقد عند تحقق العذر للزم صاحب العذر ضرر لم يلتزمه بالعقد لما نذكر في تفصيل الأعذار الموجبة للفسخ فكان الفسخ في الحقيقة امتناعا من التزام الضرر وله ولاية ذلك وقد خرج الجواب عن قوله إن هذا بيع لأنا نقول نعم لكنه عجز عن المضي في موجبه الا بضرر يلحقه لم يلتزمه بالعقد فكان محتملا للفسخ في هذه الحالة كما في بيع العين إذا اطلع المشترى على عيب بالمبيع وكما لو حدث عيب بالمستأجر وكذا عن قوله العقد انعقد باتفاقهما فلا ينفسخ الا باتفاقهما ان هذا هكذا إذا لم يعجز عن المضي على موجب العقد الا بضرر غير مستحق بالعقد وقد عجز ههنا فلا يشترط التراضي على الفسخ كما في بيع العين وحدوث العيب بالمستأجر ثم إنكار الفسخ عند تحقق العذر خروج عن العقل والشرع لأنه يقتضى ان من اشتكى ضرسه فاستأجر رجلا ليقلعها فسكن الوجع يجبر على القلع ومن وقعت في يده أكلة فاستأجر رجلا ليقطعها فسكن الوجع ثم رأت يده يجبر على القطع وهذا قبيح عقلا وشرعا وإذا ثبت ان الإجارة تفسخ بالاعذار فلابد من بيان الاعذار المثبتة للفسخ على التفصيل فنقول وبالله التوفيق ان العذر قد يكون في جانب المستأجر وقد يكون في جانب المؤاجر وقد يكون في جانب المستأجر أما الذي في جانب المستأجر فنحو أن يفلس فيقوم من السوق أو يريد سفرا أو ينتقل من الحرفة إلى الزراعة أو من الزراعة إلى التجارة أو ينتقل من حرفة إلى حرفة لان المفلس لا ينتفع بالحانوت فكان في ابقاء العقد من غير استيفاء المنفعة اضرار به ضررا لم يلتزمه العقد فلا يجبر على عمله وإذا عزم على السفر ففي ترك السفر مع العزم عليه ضرر به وفى ابقاء العقد مع خروجه إلى السفر ضرر به أيضا لما فيه من لزوم الأجرة من غير استيفاء المنفعة والانتقال من عمل لا يكون الا للاعراض عن الأول ورغبة عنه فان منعناه عن الانتقال أضررنا به وان أبقينا العقد بعد الانتقال لألزمناه الأجرة من غير استيفاء المنفعة وفيه ضرر به ولو أراد
(١٩٧)