بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٩١
بدليل انه لو سلم السفينة والبيت والجوالق ولم يضع وجب الاجر وههنا لا يتحقق بدون العمل وهو الحمل والمشاع غير مقدور الحمل بنفسه وذكر ابن سماعة عن محمد في طعام بين رجلين ولأحدهما سفينة وأراد أن يخرجا الطعام من بلدهما إلى بلد آخر فاستأجر أحدهما نصف السفينة من صاحبه أو أرادا أن يطحنا الطعام فاستأجر أحدهما نصف الرحى الذي لشريكه أو استأجر انصاف جوالقه ليحمل عليه الطعام إلى مكة فهو جائز هذا على قول من يجيز إجارة المشاع والأصل فيه أن كل موضع لا يستحق فيه الأجرة الا بالعمل لا تجوز الإجارة فيه على العمل في الحمل مشتركة وما يستحق فيه الأجرة من غير عمل تجوز الإجارة فيه لوضع العين المشتركة في المستأجر وفقه هذا الأصل ما ذكرنا ان ما لا تجب الأجرة فيه الا بالعمل فلابد من امكان ايفاء العمل ولا تمكين من العين المشتركة فلا يكون المعقود عليه مقدور التسليم فلا يكون مقدور الاستيفاء فلم تجز الإجارة وما لا يقف وجوب الأجرة فيه على العمل كان المعقود عليه مقدور التسليم والاستيفاء بدونه فتجوز الإجارة وعلى هذا يخرج ما إذا استأجر رجلا على أن يحمل له طعاما بعينه إلى مكان مخصوص بقفيز منه أو استأجر غلامه أو دابته على ذلك أنه لا يصح لأنه لو صح لبطل من يحث صح لان الأجير يصير شريكا بأول جزء من العمل وهو الحمل فكان عمله بعد ذلك لا يجوز لما بينا وإذا حمل فله أجر مثله لأنه استوفى المنافع بعقد فاسد فيجب أجر المثل ولا يتجاوز به قفيزا لان الواجب في الإجارة الفاسدة الأقل من المسمى ومن أجر المثل لما نذكر في بيان حكم الإجارة الفاسدة إن شاء الله تعالى ومنها أن لا يكون العمل المستأجر له فرضا ولا واجبا على الأجير قبل الإجارة فإن كان فرضا أو واجبا عليه قبل الإجارة لم تصح الإجارة لان من أتى بعمل يستحق عليه لا يستحق الأجرة كمن قضى دينا عليه ولهذا قلنا إن الثواب على العبادات والقرب والطاعات افضال من الله سبحانه غير مستحق عليه لان وجوبها على العبد بحق العبودية لان خدمة المولى على العبد مستحقة ولحق الشكر للنعم السابقة لان شكر النعمة واجب عقلا وشرعا ومن قضى حقا مستحقا عليه لغيره لا يستحق قبله الاجر كمن قضى دينا عليه في الشاهد وعلى هذا يخرج الاستئجار على الصوم الصلاة والحج انه لا يصح لأنها من فروض الأعيان ولا يصح الاستئجار على تعليم العلم لأنه فرض عين ولا على تعليم القرآن عندنا وقال الشافعي الإجارة على تعليم القرآن جائزة لأنه استئجار لعمل معلوم ببدل معلوم فيجوز ولنا انه استئجار لعمل مفروض فلا يجوز كالاستئجار للصوم والصلاة ولأنه غير مقدور الاستيفاء في حق الأجير لتعلقه بالمتعلم فأشبه الاستئجار لحمل خشبة لا يقدر على حملها بنفسه وقد ورى أن أبي بن كعب رضي الله عنه أقرأ رجلا فأعطاه قوسا فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم أتحب أن يقوسك الله بقوس من نار قال لا فقال صلى الله عليه وسلم فرده ولا على الجهاد لأنه فرض عين عند عموم النفير وفرض كفاية في غير تلك الحال وإذا شهد الوقعة فتعين عليه فيقع عن نفسه وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثل من يغزوا في أمتي ويأخذ الجعل عليه كمثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ عليه اجرا ولا على الأذان والإقامة والإمامة لأنها واجبة وقد روى عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه قال آخر ما عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أصلى بالقوم صلاة أضعفهم وان اتخذ مؤذنا لا يأخذ على الاذان اجرا ولان الاستئجار على الأذان والإقامة والإمامة وتعليم القرآن والعلم سبب لتنفير الناس عن الصلاة بالجماعة وعن تعليم القرآن والعمل لان ثقل الاجر يمنعهم عن ذلك والى هذا أشار الرب جل شأنه في قوله عز وجل أم تسألهم اجرا فهم من مغرم مثقلون فيؤدى إلى الرغبة عن هذه الطاعات وهذا لا يجوز وقال تعالى وما تسألهم عليه من أجر أي على ما تبلغ إليهم أجرا وهو كان صلى الله عليه وسلم يبلغ بنفسه وبغيره بقوله صلى الله عليه وسلم الا فليبلغ الشاهد الغائب فكان كل معلم مبلغا فإذا لم يجز له أخذ الأجر على ما يبلغ بنفسه لما قلنا فكذا لمن يبلغ بأمره لان ذلك تبليغ منه معنى ويجوز الاستئجار على تعليم اللغة والأدب لأنه ليس بفرض ولا واجب وكذا يجوز الاستئجار على بناء المساجد والرباطات والقناطر لما قلنا ولا يجوز الاستئجار على غسل
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222