بدليل انه لو سلم السفينة والبيت والجوالق ولم يضع وجب الاجر وههنا لا يتحقق بدون العمل وهو الحمل والمشاع غير مقدور الحمل بنفسه وذكر ابن سماعة عن محمد في طعام بين رجلين ولأحدهما سفينة وأراد أن يخرجا الطعام من بلدهما إلى بلد آخر فاستأجر أحدهما نصف السفينة من صاحبه أو أرادا أن يطحنا الطعام فاستأجر أحدهما نصف الرحى الذي لشريكه أو استأجر انصاف جوالقه ليحمل عليه الطعام إلى مكة فهو جائز هذا على قول من يجيز إجارة المشاع والأصل فيه أن كل موضع لا يستحق فيه الأجرة الا بالعمل لا تجوز الإجارة فيه على العمل في الحمل مشتركة وما يستحق فيه الأجرة من غير عمل تجوز الإجارة فيه لوضع العين المشتركة في المستأجر وفقه هذا الأصل ما ذكرنا ان ما لا تجب الأجرة فيه الا بالعمل فلابد من امكان ايفاء العمل ولا تمكين من العين المشتركة فلا يكون المعقود عليه مقدور التسليم فلا يكون مقدور الاستيفاء فلم تجز الإجارة وما لا يقف وجوب الأجرة فيه على العمل كان المعقود عليه مقدور التسليم والاستيفاء بدونه فتجوز الإجارة وعلى هذا يخرج ما إذا استأجر رجلا على أن يحمل له طعاما بعينه إلى مكان مخصوص بقفيز منه أو استأجر غلامه أو دابته على ذلك أنه لا يصح لأنه لو صح لبطل من يحث صح لان الأجير يصير شريكا بأول جزء من العمل وهو الحمل فكان عمله بعد ذلك لا يجوز لما بينا وإذا حمل فله أجر مثله لأنه استوفى المنافع بعقد فاسد فيجب أجر المثل ولا يتجاوز به قفيزا لان الواجب في الإجارة الفاسدة الأقل من المسمى ومن أجر المثل لما نذكر في بيان حكم الإجارة الفاسدة إن شاء الله تعالى ومنها أن لا يكون العمل المستأجر له فرضا ولا واجبا على الأجير قبل الإجارة فإن كان فرضا أو واجبا عليه قبل الإجارة لم تصح الإجارة لان من أتى بعمل يستحق عليه لا يستحق الأجرة كمن قضى دينا عليه ولهذا قلنا إن الثواب على العبادات والقرب والطاعات افضال من الله سبحانه غير مستحق عليه لان وجوبها على العبد بحق العبودية لان خدمة المولى على العبد مستحقة ولحق الشكر للنعم السابقة لان شكر النعمة واجب عقلا وشرعا ومن قضى حقا مستحقا عليه لغيره لا يستحق قبله الاجر كمن قضى دينا عليه في الشاهد وعلى هذا يخرج الاستئجار على الصوم الصلاة والحج انه لا يصح لأنها من فروض الأعيان ولا يصح الاستئجار على تعليم العلم لأنه فرض عين ولا على تعليم القرآن عندنا وقال الشافعي الإجارة على تعليم القرآن جائزة لأنه استئجار لعمل معلوم ببدل معلوم فيجوز ولنا انه استئجار لعمل مفروض فلا يجوز كالاستئجار للصوم والصلاة ولأنه غير مقدور الاستيفاء في حق الأجير لتعلقه بالمتعلم فأشبه الاستئجار لحمل خشبة لا يقدر على حملها بنفسه وقد ورى أن أبي بن كعب رضي الله عنه أقرأ رجلا فأعطاه قوسا فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم أتحب أن يقوسك الله بقوس من نار قال لا فقال صلى الله عليه وسلم فرده ولا على الجهاد لأنه فرض عين عند عموم النفير وفرض كفاية في غير تلك الحال وإذا شهد الوقعة فتعين عليه فيقع عن نفسه وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثل من يغزوا في أمتي ويأخذ الجعل عليه كمثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ عليه اجرا ولا على الأذان والإقامة والإمامة لأنها واجبة وقد روى عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه قال آخر ما عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أصلى بالقوم صلاة أضعفهم وان اتخذ مؤذنا لا يأخذ على الاذان اجرا ولان الاستئجار على الأذان والإقامة والإمامة وتعليم القرآن والعلم سبب لتنفير الناس عن الصلاة بالجماعة وعن تعليم القرآن والعمل لان ثقل الاجر يمنعهم عن ذلك والى هذا أشار الرب جل شأنه في قوله عز وجل أم تسألهم اجرا فهم من مغرم مثقلون فيؤدى إلى الرغبة عن هذه الطاعات وهذا لا يجوز وقال تعالى وما تسألهم عليه من أجر أي على ما تبلغ إليهم أجرا وهو كان صلى الله عليه وسلم يبلغ بنفسه وبغيره بقوله صلى الله عليه وسلم الا فليبلغ الشاهد الغائب فكان كل معلم مبلغا فإذا لم يجز له أخذ الأجر على ما يبلغ بنفسه لما قلنا فكذا لمن يبلغ بأمره لان ذلك تبليغ منه معنى ويجوز الاستئجار على تعليم اللغة والأدب لأنه ليس بفرض ولا واجب وكذا يجوز الاستئجار على بناء المساجد والرباطات والقناطر لما قلنا ولا يجوز الاستئجار على غسل
(١٩١)