وان مات عن وفاء ولم يؤد في حال حياته فان وصيه يكون وصيا على أولاده الذين دخلوا في كتابته دون الأولاد الأحرار الذين ولدوا من امرأة حرة يكون أضعف الأوصياء كوصي الام فيكون له ولاية الحفظ ولا يكون له ولاية البيع والشراء على رواية الزيادات وعلى رواية كتاب القسمة جعل كوصي الأب حيث أجاز قسمته في العقارات والقسمة تمنع البيع والله عز وجل أعلم (فصل) وأما بيان ما يملك المولى من التصرف في المكاتب وما لا يملكه فيشتمل عليه حكم المكاتبة نذكره في فصل الحكم إن شاء الله تعالى (فصل) وأما صفة المكاتبة فنوعان أحدهما انها عقد لازم من جانب المولى إذا كان صحيحا حتى لا يملك فسخه من غير رضا المكاتب إذا لم يحل نجم أو نجمان على الخلاف غير لازم في جانب المكاتب حتى ينفرد بفسخه من غير رضا المولى لأنه عقد شرع نظرا للعبيد وتمام نظرهم ان لا يلزم في حقهم ويجوز رد المكاتب إلى الرق وفسخ الكتابة دون قضاء القاضي عند عامة العلماء وقال ابن أبي ليلى لا يجوز رده الا عند القاضي لأن العقد قد صح فلا ينفسخ الا بقضاء القاضي ولنا روى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما انه أجاز ذلك ولم ينقل عن غيره خلافه واليه أشار في الأصل فقال بلغنا ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما ولان المكاتب قد ثبت له الخيار في عقد الكتابة لان له ان يعجز نفسه ومن له الخيار في العقد إذا فسخ العقد يصح فسخه دون القاضي كالبيع بشرط الخيار وغيره فاما الفاسد منه فغير لازم من الجانبين حتى ينفرد كل واحد منهما بالفسخ من غير رضا الآخر لأن العقد الفاسد واجب النقض والفسخ حق للشرع رفعا للفساد كالبيع الفاسد وغيره والثاني انها متجزئة في قول أبي حنيفة وعندهما غير متجزئه لأنها عقد يفضى إلى العتق والعتق متجزئ عنده وعندهما لا يتجزأ كذا المكاتبة وعلى هذا يخرج ما إذا كاتب رجل نصف عبده انه جازت الكتابة في النصف وصار نصفه مكاتبا عند أبي حنيفة لان الكتابة متجزئة عنده فصحت في ذلك النصف لا غير وصار في النصف الآخر مأذونا بالتجارة لان الكتابة تقتضي وجوب أداء بدل الكتابة ولا يمكنه الأداء الا بالاذن والاذن لا يتجزأ فصار الاذن في قدر الكتابة اذنا في الكل فصار مأذونا في الكل ونصفه مكاتب فان أدى عتق نصفه وصار النصف الآخر مستسعى فان شاء أعتق وان شاء استسعى غير مشقوق عليه بمنزلة رجل عتق نصف عبده فان اكتسب العبد مالا قبل الأداء فنصفه له ونصفه للمولى في قول أبي حنيفة لان نصفه مكاتب ونصفه رقيق في قولهما والكسب كله لمكاتب لأنه كله صار مكاتبا وما اكتسب بعد الأداء فكله للمكاتب بالاجماع وليس للمولى فيه شئ اما على قولهما فلا يشكل لأنه حر عليه دين وأما على أصل أبي حنيفة فلان المستسعى كالمكاتب وكسب المكاتب له وإذا كاتب نصف عبده ثم أراد أن يحول بينه وبين الكسب لم يكن له ذلك لأنه لما كاتب نصفه فقد اذن له بالاكتساب لأنه لا يتوصل إلى أداء بدل الكتابة الا بالكسب فلا يملك الحجر عليه الا بعد فسخ الكتابة ولا يفسخ الا برضاه بخلاف العبد المأذون كله انه يملك حجره ومنعه من الاكتساب لأنه إنما صار مأذونا بالقول فيصير محجورا عليه بحجره والاذن ههنا لا يثبت بالقبول بل مقتضى الكتابة فلا يصير محجورا عليه الا بفسخ الكتابة فان أراد ان يخرج من المصر فله منعه بالقياس ولكن استحسن ان لا يمنعه وكذلك إذا أراد ان يستخدمه يوما أو يستسعيه يوما ويخلى عنه يوما للكسب له ذلك في القياس ولكن استحسن ان لا يتعرض له في شئ حتى يؤدى أو يعجز كذا ذكر في الأصل وجه القياس ان نصفه رقيق لم تزل يده عنه فله أن يمنعه من الخروج من المصر لأجل النصف فيقول له إن كان نصفك مكاتبا فالنصف الآخر غير مكاتب فلي المنع فكان له أن يمسكه ويستخدمه يوما كالعبد المشترك وجه الاستحسان انه بعقد الكتابة صار مأذونا بالاكتساب وذلك بالخروج إلى الأمصار فلا يجوز له منعه وان يحول بينه وبين الاكتساب بالاستخدام ولا يمكنه أن يخرج بالنصف دون النصف أو يستخدم النصف دون النصف فاما ان يجعل النصف الذي هو مكاتب تبعا
(١٤٧)