الروايتين لان كل جزء من اجزاء العدة ليس بعدة ولأن العدة فيها حق الله تعالى فاعتبر فيها زيادة العدد احتياط والإجارة حق العبد فلا يدخله الاحتياط وجه الرواية الأخرى ان الشهر الأول يكمل بالأيام بلا خلاف وإنما يكمل بالأيام من الشهر الثاني فإذا كمل بالأيام من الشهر الثاني يصير أول الشهر الثاني بالأيام فيكمل من الشهر الثالث وهكذا إلى آخر الشهور ولو قال أجرتك هذه الدار سنة كل شهر بدرهم جاز بالاجماع لان المدة معلومة والأجرة معلومة فلا يجوز ولا يملك أحدهما الفسخ قبل تمام السنة من غير عذر ولو لم يذكر السنة فقال أجرتك هذه الدار كل شهر بدرهم جاز في شهر واحد عند أبي حنيفة وهو الشهر الذي يعقب العقد كما في بيع العين بأن قال بعت منك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم انه لا يصح الا في قفيز واحد عنده لان جملة الشهور مجهولة فأما الشهر الأول فمعلوم وهو الذي يعقب العقد وذكر القدوري ان الصحيح من قول أبى يوسف ومحمد انه لا يجوز أيضا وفرقا بين الإجارة وبيع العين من حيث إن كل شهر لا نهاية له فلا يكون المعقود عليه معلوما بخلاف الصبرة لأنه يمكن معرفة الجملة بالكيل وعامة مشايخنا قالوا تجوز هذه الإجارة على قولهما كل شهر بدرهم كما في بيع الصبرة كل قفيز بدرهم وفى بيع المذروع كل ذراع بدرهم وعند أبي حنيفة لا يجوز البيع في المذروع في الكيل لا في ذراع واحد ولا في الباقي وفى المكيل والموزون في واحد ولا يجوز في الباقي في الحال الا إذا علم المشترى جملته في المجلس لان بيع قفيز من صبرة جائز لان الجهالة تفضى إلى المنازعة لعدم التفاوت بين قفيز وقفيز فأما بيع ذراع من ثوب فلا يجوز لتفاوت في أجزاء الثوب فيفضى إلى المنازعة وقال الشافعي هذه الإجارة فاسدة واعتبر ها ببيع كل ثوب من هذه الأثواب بدرهم وهذا الاعتبار غير سديد لان الثياب تختلف في أنفسها اختلافا فاحشا ولا يمكن تعيين واحد منها لاختلافها فأما المشهور فإنها لا تخلف فيتعين واحد منها للإجارة عند أبي حنيفة وهو الشهر الأول لما بينا وإذا جاز في الشهر الأول لا غير عند أبي حنيفة فلكل واحد منهما أن يترك الإجارة عند تمام الشهر الأول فإذا دخل الشهر الثاني ولم يترك أحدهما انعقدت الإجارة في الشهر الثاني لأنه إذا مضى الشهر الأول ولم يترك أحدهما فقد تراضيا على انعقاد العقد في الشهر الثاني فصارا كأنهما جددا العقد وكذا هذا عند مضى كل شهر بخلاف ما إذا أجر شهرا وسكت ولم يقل كل شهر لان هناك لم يسبق منه شئ يبنى عليه العقد في الشهر ثم اختلف مشايخنا في وقت الفسخ وكيفيته قال بعضهم إذا أهل الهلال يقول أحدهما على الفور فسخت الإجارة فإذا قال ذلك لا ينعقد في الشهر الثاني وان سكتا عنه انعقدت وقال بعضهم يفسخ أحدهما الإجارة في الحال فإذا جاء رأس الشهر عمل ذلك الفسخ السابق وقال بعضهم يفسخ أحدهما ليلة الهلال أو يومها وان سكتا حتى غربت الشمس من اليوم الأول انعقدت الإجارة في الشهر الثاني وهذا أصح الأقاويل ومعنى الفسخ ههنا وهو المنع انعقاد الإجارة في الشهر الثاني لأنه رفع العقد الموجود من الأصل ولو استأجر دلوا وبكرة ليسقى غنمه ولم يذكر المدة لم يجز لان قدر الزمان الذي يسقى فيه الغنم غير معلوم فكان قدر المعقود عليه مجهولا وان بين المدة جاز لأنه صار معلوما بيان المدة والله عز وجل أعلم وأما بيان ما يستأجر له في هذا النوع من الإجارة أعني إجارة المنازل ونحوها فليس بشرط حتى لو استأجر شيئا من ذلك ولم يسم ما يعمل فيه جاز وله أن يسكن فيه نفسه ومع غيره وله أنى يسكن فيه غيره بالإجارة والإعارة وله أن يضع فيه متاعا وغيره غيره أنه لا يجعل فيه حدادا ولا قصارا ولا طحانا ولا ما يضر بالبناء ويوهنه وإنما كان كذلك لان الإجارة تشرعت للانتفاع والدور والمنازل والبيوت ونحوها معدة للانتفاع بها بالسكنى ومنافع العقار المعدة للسكنى متقاربة لان الناس لا يتفاوتون في السكنى فكانت معلومة من غير تسمية وكذا المنفعة لا تتفاوت بكثرة السكان وقلتهم الا تفاوتا يسيرا وانه ملحق بالعدم ووضع المتاع من توابع السكنى وذكر في الأصل ان له أن يربط في الدار دابته وبعيره وشاته لان ذلك من توابع السكنى وقيل إن هذا الجواب على عادة أهل الكوفة والجواب فيه يختلف باختلاف العادة فإن كان في موضع جرت العادة بذلك فله ذلك والا فلا وإنما لم يكن له أن يقعد فيه من يضر بالبناء ويوهنه من القصار والحداد
(١٨٢)