بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٥٥
لان هذا تشبيه بحرف التشبيه والتشبيه لا يقتضى المشاركة في جميع الصفات بخلاف قوله ما أنت الا حر لان ذاك ليس بتشبيه بل هو تحرير لأنه نفى وأثبت والنفي ما زاده الا تأكيدا كقول القائل لغيره ما أنت الا فقيه وروى عن أبي يوسف أنه قال إذا قال كل مالي حر وله عبيد لم يعتقوا لأنه جمع بين العبد وغيرهم من الأموال ووصف الكل بالحرية بقوله كل مالي حر ومعلوم أن غير العبيد من الأموال لا يحتمل الوصف بالحرية التي هي العتق فينصرف الوصف بالحرية إلى الحرية التي يحتملها الكل وهي أن تكون جميع أمواله خالصة صافية له لا حق لا حد فيها فلا تعتق عبيده والله عز وجل الموفق (فصل) وأما شرائط الركن فأنواع بعضها يرجع إلى المعتق خاصة وبعضها يرجع إلى المعتق خاصة وبعضها يرجع إليهما جميعا وبعضها يرجع إلى نفس الركن أما الذي يرجع إلى المعتق خاصة فمنها أن يكون عاقلا حقيقة أو تقديرا حتى لا يصح الاعتاق من الصبي الذي لا يعقل والمجنون كما لا يصح الطلاق منها وأما المجنون الذي يجن في حال ويفيق في حال فما يوجد منه في حال افاقته فهو فيه بمنزلة سائر العقلاء وما يوجد منه في حال جنونه فهو بمنزلة المجنون المطبق اعتبار الحقيقة وأما السكران فاعتاقه كطلاقه وقد مر ذلك في كتاب الطلاق ومنها أن لا يكون معتوها ولا مدهوشا ولا مبرسما ولا مغمى عليه ولا نائما حتى لا يصح الاعتاق من هؤلاء كمالا يصح الطلاق منهم لما ذكرنا في الطلاق ومنها أن يكون بالغا فلا يصح الاعتاق من الصبي وإن كان عاقلا كمالا يصح الطلاق منه ولو قال رجل أعتقت عبدي وأنا صبي أو قال وأنا نائم كان القول قوله والأصل فيه انه إذا أضاف الاعتاق إلى حال معلوم الكون وهو ليس من أهل الاعتاق فيها يصدق بان قال أعتقته وأنا صبي أو وأنا نائم أو مجنون وقد علم جنونه أو وأنا حربي في دار الحرب على أصل أبي حنيفة ومحمد وقد علم ذلك منه لأنه إذا أضاف الاعتاق إلى زمان لا يتصور منه الاعتاق علم أن أراد به صيغة الاعتاق لا حقيقة الاعتاق فلم يصر معترفا بالاعتاق ولو قال أعتقته وأنا مجنون ولم يعلم له جنون لا يصدق لأنه إذا أضافه إلى حالة لا يتيقن وجودها فالظاهر أنه أراد الرجوع عما أقر به فلا يقبل منه ولو قال أعتقته قبل أن أخلق أو قبل أن يخلق لا يعتق لان زمان ما قبل انخلاقه وانخلاق العبد معلوم فقد أضاف الاعتاق إلى زمان معلوم الكون ولا يتصور منه فيه الاعتاق فلا يعتق وأما كونه طائعا فليس بشرط عندنا خلافا للشافعي والمسألة مرت في كتاب الطلاق وكونه جادا ليس بشرط بالاجماع حتى يصح اعتاق الهازل وكذا كونه عامدا حتى يصح اعتاق الخاطئ لما ذكرنا في الطلاق وكذا التكلم باللسان ليس بشرط فيصح الاعتاق بالكتابة المستبينة والإشارة المفهومة وكذا الخلو عن شرط الخيار ليس بشرط في الاعتاق بعوض وبغير عوض إذا كان الخيار للمولى حتى يقع العتق ويبطل الشرط أما إذا كان بغير عوض فظاهر لان ثبوت الخيار لفائدة الفسخ والاعتاق بغير العوض لا يحتمل الفسخ وكذا إن كان بعوض لان العوض من جانب المولى هو العتق وانه لا يقبل لا الفسخ فلا معنى للخيار فيه وإن كان الخيار للعبد فخلوه عن خياره شرط صحته حتى لورد العبد العقد في مدة الخيار فينفسخ العقد ولا يعتق لان العوض في جانبه هو المال فكان محتملا للفسخ فيصح شرط الخيار فيه كما في الطلاق على مال وقد ذكرناه في كتاب الطلاق وعلى هذا الصلح من دم العمد بشرط الخيار وان الخيار إن كان مشروطا للمولى يبطل الخيار ويصح الصلح لان الخيار لثبوت الفسخ والذي من جانب المولى وهو العفو لا يحتمل الفسخ وإن كان الخيار للقاتل جاز لان ما هو العوض من جانبه وهو المال قابل للفسخ ثم إذا جاز الخيار وفسخ القاتل العقد هل يبطل العفو فالقياس أن يبطل لأنه تعلق بشرط المال ولم يسلم المال وفي الاستحسان لا يبطل ويلزم القاتل الدية كذا روى عن محمة أما صحة العفو وسقوط القصاص فلان عفو الولي يصير شبهة والقصاص يسقط بالشبهات وأما وجوب الدية فلان الولي لم يرض باسقاطه بغير عوض ولا عوض الا الدية إذ هي قيمة النفس ثم فرق بين الاعتاق على مال وبين الكتابة فإنه يجوز فيها شرط الخيار للمولى لأنها عقد معاوضة يلحقها الفسخ فيجوز شرط الخيار في طرفيها كالبيع بخلاف الاعتاق على مال والله عز وجل
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222