لان هذا تشبيه بحرف التشبيه والتشبيه لا يقتضى المشاركة في جميع الصفات بخلاف قوله ما أنت الا حر لان ذاك ليس بتشبيه بل هو تحرير لأنه نفى وأثبت والنفي ما زاده الا تأكيدا كقول القائل لغيره ما أنت الا فقيه وروى عن أبي يوسف أنه قال إذا قال كل مالي حر وله عبيد لم يعتقوا لأنه جمع بين العبد وغيرهم من الأموال ووصف الكل بالحرية بقوله كل مالي حر ومعلوم أن غير العبيد من الأموال لا يحتمل الوصف بالحرية التي هي العتق فينصرف الوصف بالحرية إلى الحرية التي يحتملها الكل وهي أن تكون جميع أمواله خالصة صافية له لا حق لا حد فيها فلا تعتق عبيده والله عز وجل الموفق (فصل) وأما شرائط الركن فأنواع بعضها يرجع إلى المعتق خاصة وبعضها يرجع إلى المعتق خاصة وبعضها يرجع إليهما جميعا وبعضها يرجع إلى نفس الركن أما الذي يرجع إلى المعتق خاصة فمنها أن يكون عاقلا حقيقة أو تقديرا حتى لا يصح الاعتاق من الصبي الذي لا يعقل والمجنون كما لا يصح الطلاق منها وأما المجنون الذي يجن في حال ويفيق في حال فما يوجد منه في حال افاقته فهو فيه بمنزلة سائر العقلاء وما يوجد منه في حال جنونه فهو بمنزلة المجنون المطبق اعتبار الحقيقة وأما السكران فاعتاقه كطلاقه وقد مر ذلك في كتاب الطلاق ومنها أن لا يكون معتوها ولا مدهوشا ولا مبرسما ولا مغمى عليه ولا نائما حتى لا يصح الاعتاق من هؤلاء كمالا يصح الطلاق منهم لما ذكرنا في الطلاق ومنها أن يكون بالغا فلا يصح الاعتاق من الصبي وإن كان عاقلا كمالا يصح الطلاق منه ولو قال رجل أعتقت عبدي وأنا صبي أو قال وأنا نائم كان القول قوله والأصل فيه انه إذا أضاف الاعتاق إلى حال معلوم الكون وهو ليس من أهل الاعتاق فيها يصدق بان قال أعتقته وأنا صبي أو وأنا نائم أو مجنون وقد علم جنونه أو وأنا حربي في دار الحرب على أصل أبي حنيفة ومحمد وقد علم ذلك منه لأنه إذا أضاف الاعتاق إلى زمان لا يتصور منه الاعتاق علم أن أراد به صيغة الاعتاق لا حقيقة الاعتاق فلم يصر معترفا بالاعتاق ولو قال أعتقته وأنا مجنون ولم يعلم له جنون لا يصدق لأنه إذا أضافه إلى حالة لا يتيقن وجودها فالظاهر أنه أراد الرجوع عما أقر به فلا يقبل منه ولو قال أعتقته قبل أن أخلق أو قبل أن يخلق لا يعتق لان زمان ما قبل انخلاقه وانخلاق العبد معلوم فقد أضاف الاعتاق إلى زمان معلوم الكون ولا يتصور منه فيه الاعتاق فلا يعتق وأما كونه طائعا فليس بشرط عندنا خلافا للشافعي والمسألة مرت في كتاب الطلاق وكونه جادا ليس بشرط بالاجماع حتى يصح اعتاق الهازل وكذا كونه عامدا حتى يصح اعتاق الخاطئ لما ذكرنا في الطلاق وكذا التكلم باللسان ليس بشرط فيصح الاعتاق بالكتابة المستبينة والإشارة المفهومة وكذا الخلو عن شرط الخيار ليس بشرط في الاعتاق بعوض وبغير عوض إذا كان الخيار للمولى حتى يقع العتق ويبطل الشرط أما إذا كان بغير عوض فظاهر لان ثبوت الخيار لفائدة الفسخ والاعتاق بغير العوض لا يحتمل الفسخ وكذا إن كان بعوض لان العوض من جانب المولى هو العتق وانه لا يقبل لا الفسخ فلا معنى للخيار فيه وإن كان الخيار للعبد فخلوه عن خياره شرط صحته حتى لورد العبد العقد في مدة الخيار فينفسخ العقد ولا يعتق لان العوض في جانبه هو المال فكان محتملا للفسخ فيصح شرط الخيار فيه كما في الطلاق على مال وقد ذكرناه في كتاب الطلاق وعلى هذا الصلح من دم العمد بشرط الخيار وان الخيار إن كان مشروطا للمولى يبطل الخيار ويصح الصلح لان الخيار لثبوت الفسخ والذي من جانب المولى وهو العفو لا يحتمل الفسخ وإن كان الخيار للقاتل جاز لان ما هو العوض من جانبه وهو المال قابل للفسخ ثم إذا جاز الخيار وفسخ القاتل العقد هل يبطل العفو فالقياس أن يبطل لأنه تعلق بشرط المال ولم يسلم المال وفي الاستحسان لا يبطل ويلزم القاتل الدية كذا روى عن محمة أما صحة العفو وسقوط القصاص فلان عفو الولي يصير شبهة والقصاص يسقط بالشبهات وأما وجوب الدية فلان الولي لم يرض باسقاطه بغير عوض ولا عوض الا الدية إذ هي قيمة النفس ثم فرق بين الاعتاق على مال وبين الكتابة فإنه يجوز فيها شرط الخيار للمولى لأنها عقد معاوضة يلحقها الفسخ فيجوز شرط الخيار في طرفيها كالبيع بخلاف الاعتاق على مال والله عز وجل
(٥٥)