الولد ولان الانفاق عند الحاجة من باب احياء المنفق عليه والولد جزء الوالد واحياء نفسه واجب كذا احياء جزئه واعتبار هذا المعنى يوجب النفقة من الجانبين ولأن هذه القرابة مفترضة الوصل محرمة القطع بالاجماع والانفاق من باب الصلة فكان واجبا وتركه مع القدرة للمنفق وتحقق حاجة المنفق عليه يؤدى إلى القطع فكان حراما واختلف في وجوبها في القرابة للنكاح سوى قرابة الولادة قال أصحابنا تجب وقال مالك والشافعي لا تجب غير أن مالكا يقول لا نفقة الا على الأب للابن والابن للأب حتى قال لا نفقة على الجد لابن الابن ولا على ابن الابن للجد وقال الشافعي تجب على الوالدين والمولودين والكلام في هذه المسألة بناء على أن هذه القرابة مفترضة الوصل محرمة القطع عندنا خلافا لهما وعلى هذا ينبنى العتق عند الملك ووجوب القطع بالسرقة وهي من مسائل نذكرها هناك إن شاء الله تعالى ثم الكلام في المسألة على سبيل الابتداء احتج الشافعي فقال إنا الله تعالى أوجب النفقة على الأب لا غير بقوله تعالى وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف فمن كان مثل حاله في القرب يلحق به والا فلا ولا يقال إن الله تعالى قال وعلى الوارث مثل ذلك لان ابن عباس رضي الله عنه صرف قوله ذلك ترك المضارة لا إلى النفقة والكسوة فكان معناه لا يضار الوارث باليتيم كما لا تضار الوالدة والمولود بولدهما ولنا قوله تعالى وعلى الوارث مثل ذلك وروى عن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت رضي الله عنهما وجماعة من التابعين أنه معطوف على النفقة والكسوة لا غير لا على ترك المضارة معناه على الوارث مثل ما على المولود من النفقة والكسوة ومصداق هذا التأويل أنه لو جعل عطفا على هذا لكان عطف الاسم على الاسم وانه شائع ولو عطف على ترك المضارة لكان عطف الاسم على الفعل فكان الأول أولى ولأنه لو جعل عطفا على قوله لا تضار لكان من حق الكلام أن يقول والوارث مثل ذلك وجماعة من أهل التأويل عطفوا على الكل من النفقة والكسوة وترك المضاربة لان الكلام كله معطوف بعضه على بعض بحرف الواو وانه حرف جمع فيصير الكل مذكورا في حالة واحدة فينصرف قوله ذلك إلى الكل أي على الوارث مثل ذلك من النفقة والكسوة وانه لا يضارها ولا تضاره في النفقة وغيرها وبه تبين رجحان هذين التأويلين على تأويل ابن عباس رضي الله عنهما على أن ما قاله ابن عباس ومن تابعه لا ينفى وجوب النفقة على الوارث بل يوجب لان قوله تعالى لا تضار والدة بولدها نهى سبحانه وتعالى عن المضارة مطلقا في النفقة وغيرها فإذا كان معنى اضرار الوالد الوالدة بولدها بترك الانفاق عليها أو بانتزاع الولد منها وقد أمر الوارث بقوله تعالى وعلى الوارث مثل ذلك أنه لا يضارها فإنما يرجع ذلك إلى مثل ما لزم الأب وذلك يقتضى أن يجب على الوارث أن يسترضع الوالدة بأجرة مثلها ولا يخرج الولد من يدها إلى يد غيرها اضرارا بها وإذا ثبت هذا فظاهر الآية يقتضى وجوب النفقة والكسوة على كل وارث أو على مطلق الوارث الا من خص أو قيد بدليل وأما القرابة التي ليست بمحرمة للنكاح فلا نفقة فيها عند عامة العلماء خلافا لابن أبي ليلى واحتج بظاهر قوله تعالى وعلى الوارث مثل ذلك من غير فصل بين وارث ووارث وانا نقول المراد من الوارث الأقارب الذي له رحم محرم لا مطلق الوارث عرفنا ذلك بقراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وعلى الوراث ذي الرحم المحرم مثل ذلك ولان وجوبها في القرآن العظيم معلولا بكونها صلة صيانة لها عن القطعية فيختص وجوبها بقرابة يجب وصلها ويحرم قطعها ولم توجد فلا تجب ولهذا لا يثبت العتق عند الملك ولا يحرم النكاح ولا يمنع وجوب القطع بالسرقة والله الموفق (فصل) وأما سبب وجوب هذه النفقة اما نفقة الولادة فسبب وجوبها هو الولادة لان به تثبت الجزئية والبعضية والانفاق على المحتاج احياء له ويجب على الانسان احياء كله وجزئه وان شئت قلت سبب نفقة الأقارب في الولادة وغيرها من الرحم المحرم هو القربة المحرمة للقطع لأنه إذا حرم قطعها يحرم كل سبب مفض إلى القطع وترك الانفاق من ذي الرحم المحرم مع قدرته وحاجة المنفق عليه تفضى إلى قطع الرحم فيحرم الترك وإذا حرم الترك وجب الفعل ضرورة وإذا عرف هذا فنقول الحال في القرابة الموجبة للنفقة لا يخلو اما إن كانت حال الانفراد واما إن كانت حال
(٣١)