بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٢٠١
وجه المذكور في الأصل والجامع الصغير أن المنافع في الإجارة لا تملك جملة واحدة بل شيئا فشيئا فكان اعتراض العذر فيها بمنزلة عيب حدث قبل القبض والعيب الحادث قبل القبض في باب البيع يوجب للعاقد حق الفسخ ولا يقف ذلك على القضاء والرضا كذا هذا ومن مشايخنا من فصل فيه تفصيلا فقال إن كان العذر ظاهرا لا حاجة إلى القضاء وإن كان خفيا كالدين يشترط القضاء ليظهر العذر فيه ويزول الاشتباه وهذا حسن وينبغي أن يبيع المستأجر ثم يفسخ الإجارة (فصل) وأما صفة الإجارة فالإجارة عقد لازم إذا وقعت صحيحة عرية عن خيار الشرط والعيب الرؤية عند عامة العلماء فلا تفسخ من غير عذر وقال شريح انها غير لازمة تفسخ بلا عذر لأنها إباحة المنفعة فأشبهت الإعارة ولنا انها تمليك المنفعة بعوض فأشبهت البيع وقال سبحانه وتعالى أوفوا بالعقود الفسخ ليس من الايفاء بالعقد وقال عمر ورضي الله عنه البيع صفقة أو خيار جعل البيع نوعين نوعا لا خيار فيه ونوعا فيه خيار والا جارة بيع فيجب أن تكون نوعين نوعا ليس فيه خيار الفسخ ونوعا فيه خيار الفسخ ولأنها معاوضة عقدت مطلقة فلا ينفرد أحد العاقدين فيها بالفسخ الا عند العجز عن المضي في موجب العقد من غير تحمل ضرر كالبيع (فصل) وأما حكم الإجارة فالإجارة لا تخلو اما إن كانت صحيحة واما إن كانت فاسدة واما إن كانت باطلة أما الصحيحة فلها أحكام بعضها أصلى وبعضها من التوابع أما الحكم الأصلي فالكلام فيه في ثلاث فمواضع في بيان أصل الحكم وفي بيان وقت ثبوته وفي بيان كيفية ثبوته أما الأول فهو ثبوت الملك في المنفعة للمستأجر وثبوت الملك في الأجرة المسماة للآجر لأنها عقد معاوضة إذ هي بيع المنفعة والبيع عقد معاوضة فيقتضى ثبوت الملك في العوضين وأما وقت ثبوته فالعقد لا يخلو اما إن كان عقد مطلقا عن شرط تعجيل الأجرة واما ان شرط فيه تعجيل الأجرة أو تأجيلها فان عقد مطلقا فالحكم يثبت في العوضين في وقت واحد فيثبت الملك للمؤاجر في الأجرة وقت ثبوت الملك للمستأجر في المنفعة وهذا قول أصحابنا وقال الشافعي حكم الإجارة المطلقة هو ثبوت الملك في العوضين عقيب العقد بلا فصل وأما كيفية ثبوت حكم العقد فعندنا يثبت شيئا فشيئا على حسب حدوث محله وهو المنفعة لأنها تحدث شيئا فشيئا وعنده تجعل المدة موجودة تقديرا كأنها أعيان قائمة ويثبت الحكم فيها في الحال وعلى هذا يبنى ان الأجرة لا تملك بنفس العقد المطلق عندنا وعنده تملك (وجه) قوله إن الإجارة عقد معاوضة وقد وجدت مطلقة والمعاوضة المطلقة تقتضي ثبوت الملك في العوضين عقيب العقد كالبيع الا أن الملك لابد له من محل يثبت فيه منافع المدة معلومة في الحال حقيقة فتجعل موجودة حكما تصحيحا للعقد وقد يجعل المعدوم حقيقة موجودا تقديرا عند تحقق الحاجة والضرورة ولنا ان المعاوضة المطلقة إذا لم يثبت الملك فيها في أحد العوضين لا يثبت في العوض الآخر إذ لو ثبت لا يكون معاوضة حقيقة لأنه لا يقابله عوض ولا المساواة في العقود المطلقة مطلوب العاقدين ولا مساواة إذ لم يثبت الملك في أحد العوضين والملك لم يثبت في أحد العوضين وهو منافع المدة لأنها معلومة حقيقة فلا تثبت في الأجرة في الحال تحقيقا للمعاوضة المطلقة في أي وقت تثبت فقد كان أبو حنيفة أولا يقول إن الأجرة لا تجب الا بعد مضى المدة مثل استئجار الأرض سنة أو عشر سنين وهو قول زفر ثم رجع هنا فقال تجب يوما فيوما وفى الإجارة على المسافة مثل ان استأجر بعيرا إلى مكة ذاهبا وجائيا كان قوله الأول انه لا يلزمه تسليم الاجر حتى يعود وهو قول زفر ثم رجع وقال يسلم حالا فحالا وذكر الكرخي انه يسلم أجرة كل مرحلة إذا انتهى إليها وهو قول أبى يوسف ومحمد وجه قول أبي حنيفة الأول ان منافع المدة أو المسافة من حيث إنها معقد عليها شئ واحد فما لم يستوفها كلها لا يجب شئ من بدلها كمن استأجر خياطا يخيط ثوبا فحاط بعضه انه لا يستحق الأجرة حتى يفرغ منه وكذا القصار والصباغ (وجه) وقوله الثاني وهو المشهور انه ملك البدل وهو المنفعة وانها تحدث شيئا فشيئا على حسب حدوث الزمان فيملكها شيئا فشيئا على حسب حدوثها فكذا ما يقابلها فكان ينبغي أن يجب عليه تسليم الأجرة
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222