والطحان لان ذلك اتلاف العين وانه لم يدخل تحت العقد إذ الإجارة بيع المنفعة لا بيع العين ولان مطلق العقد ينصرف إلى المعتاد والظاهر أن الحانوت الذي يكون في صف البزازين انه لا يؤاجر لعمل الحداد والقصار والطحان فلا ينصرف مطلق العقد إليه إذ المطلق محمول على العادة فلا يدخل غيره في العقد الا بالتسمية أو بالرضا حتى لو آجر حانوتا في صف الحدادين من حداد يدخل عمل الحدادة فيه من غير تسمية للعادة وإنما كان له أن يؤاجر من غيره ويعير لأنه ملك المنفعة فكان له أن يؤاجر من غيره بعوض وبغير عوض وأما في إجارة الأرض فلابد فيها من بيان ما تستأجر له من الزراعة والغرس والبناء وغير ذلك فإن لم يبين كانت الإجارة فاسدة الا إذا جعل له ان ينتفع بها بما شاء وكذا إذا استأجرها للزراعة فلابد من بيان ما يزرع فيها أو يجعل له أن يزرع فيها ما شاء والا فلا يجوز العقد لان منافع الأرض تختلف باختلاف البناء والغرس والزراعة وكذا المزروع يختلف منه ما يفسد الأرض ومنه ما يصلحها فكان المعقود عليه مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة فلا بد من البيان بخلاف السكنى فإنها لا تختلف وأما في إجارة الدواب فلابد فيها من بيان أحد الشيئين المدة أو المكان فإن لم يبين أحدهما فسدت لان ترك البيان يفضى إلى المنازعة وعلى هذا يخرج ما إذا أستأجر دابة يشيع عليها رجلا أو يتلقاه ان الإجارة فاسدة الا أن يسمى موضعا معلوما لما قلنا وكذا إذا استأجرها إلى الجبانة لان الجبانة تختلف أولها وأوسطها وآخرها لأنها موضع واسع تتباعد أطرافها وجوانبها بخلاف ما إذا استأجر دابة إلى الكوفة انه يصح العقد وإن كان أطرافها وجوانبها متباعدة لان المكان هناك معلوم بالعادة وهو منزله الذي بالكوفة لان الانسان إذا استأجر إلى بلده فإنما يستأجر إلى بيته ألا ترى انه ما جرت العادة بين المكاريين بطرح الحمولات على أول جزء من البلد فصار منزله بالكوفة مذكورا دلالة والمذكور دلالة كالمذكور نصا ولا عادة في الجبانة على موضع بعينه حتى يحمل العقد عليه حتى لو كان في الجبانة موضع لا يركب الا إليه يصح العقد وينصرف إليه كما يصح إلى الكوفة ولو تكاراها بدرهم يذهب عليها إلى حاجة له لم يجز ما لم يبين المكان لان الحوائج تختلف منها ما ينقضى بالركوب إلى موضع ومنها ما لا ينقضى الا بقطع مسافة بعيدة فكانت المنافع مجهولة فتفسد الإجارة وذكر في الأصل إذا تكارى دابة من الفرات إلى جعفى وجعفى قبيلتان بالكوفة ولم يسم إحداهما أو إلى الكناسة وفيها كناستان ولم يسم إحداهما أو إلى بجيلة وبها بجيلتان الظاهرة والباطنة ولم يسم إحداهما ان الإجارة فاسدة لان المكان مجهول ولا بد فيها من بيان ما يستأجر له في الحمل والركوب لأنهما منفعتان مختلفتان وبعد بيان ذلك لابد من بيان ما يحمل عليها ومن يركبها لان الحمل يتفاوت بتفاوت المحمول والناس يتفاوتون في الركوب فترك البيان يقضى إلى المنازعة وذكر في الأصل إذا استأجر بعيرين من الكوفة إلى مكة فحمل على أحدهما محملا فيه رجلان وما يصلح لهما من الوطاء والدثر وقد رأى الرجلين ولم ير الوطاء والدثر وأحدهما زاملة يحمل عليها كذا كذا محتوما من السويق والدقيق وما يصلحهما من الزيت والخل والمعاليق ولم يبين ذلك واشترط عليه ما يكتفي به من الماء ولم يبين ذلك فهذا كله فاسد بالقياس ولكن قال أبو حنيفة أستحسن ذلك وجه القياس انه شرط عملا مجهولا لأنه قدر الكسوة والدثار يختلف باختلاف الناس فصارت المنافع مجهولة وجه الاستحسان ان الناس يفعلون ذلك من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا فكان ذلك اسقاطا منهم اعتبار هذه الجهالة فلا يفضى إلى المنازعة وان اشترط المستأجر أن يحمل عليه من هدايا مكة من صالح ما يحمل الناس فهو جائز لان قدر الهدايا يعلم بالعادة وهذا مما يفعله الناس في سائر الأعصار من غير نكير وان بين وزن المعاليق ووصف ذلك والهدايا أحب الينا لأنه يجوز قياسا واستحسانا وذلك يكون أبعد من الخصومة لذلك قال أحب الينا ولكل محل قربتين من ماء واداوتين من أعظم ما يكون لان هذا كله يصير معلوما بالعادة وذكره أفضل وكذا الخيمة والقبة وذكره أفضل لما قلنا وفى استئجار العبد للخدمة والثوب للبس والقدر للطبخ لابد من بيان المدة لما قلنا والقياس أن يشترط بيان نوع الخدمة في استئجار العبد للخدمة لان الخدمة تختلف فكانت مجهولة وفى الاستحسان لا يشترط وينصرف إلى المتعارف وليس له أن
(١٨٣)