بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٧٦
للكلأ وسائر الأعيان المباحة انها غير جائزة لما بينا والله عز وجل أعلم (فصل) وأما شرائط الركن فأنواع بعضها شرط الانعقاد وبعضها شرط النفاذ وبعضها شرط الصحة وبعضها شرط اللزوم أما شرط الانعقاد فثلاثة أنواع نوع يرجع إلى العاقد ونوع يرجع إلى نفس العقد ونوع يرجع إلى مكان العقد أما الذي يرجع إلى العاقد فالعقل وهو أن يكون العاقد عاقلا حتى لا تنعقد الأجرة من المجنون والصبي الذي لا يعقل كما لا ينعقد البيع منهما وأما البلوغ فليس من شرائط الانعقاد ولا من شرائط النفاذ عندنا حتى أن الصبي العاقل لو أجر ماله أو نفسه فإن كان مأذونا ينفذ وإن كان محجورا يقف لي إجازة الولي عدنا خلافا للشافعي وهي من مسائل المأذون ولو أجر الصبي المحجور نفسه وعمل وسلم من العمل يستحق الاجر ويكون الاجر له أما استحقاق الاجر فلأن عدم النفاذ كان نظرا له والنظر بعد الفراغ من العمل سليما في النفاذ فيستحق الأجرة ولا يهدر سعيه فيتضرر به وكان أولى اذن له بذلك دلالة بمنزلة قبول الهبة من الغير وما كون الأجرة المسماة له فلأنها بدل منافع وهي حقه وكذا حرية العاقد ليست بشرط لانعقاد هذا لعقد ولا لنفاذه عندنا فينفذ عقد المملوك إن كان مأذونا ويقف على إجازة مولاه إن كان محجورا وعند الشافعي لا يقف بل يبطل وإذا سلم من العمل في إجارة نفسه أو إجارة مال المولى وجب الاجر المسمى لما ذكرنا في الصبي الا ان الاجر هنا يكون لمولى لان العبد ملك المولى والاجر كسبه وكسب المملوك لمالك ولو هلك الصبي أو العبد في يد المستأجر في المدة ضمن لأنه صار غاصبا حيث استعملهما من غير اذن المولى ولا يجب الاجر لان الاجر مع الضمان لا يجتمعان ولو قتل العبد أو الصبي خطأ فعلى عاقلته الدية أو القيمة وعليه الاجر في ماله لان ايجاب الأجرة ههنا لا يؤدى إلى الجمع لاختلاف من عليه الواجب وللمكاتب ان يؤاجر ويستأجر لأنه في مكاسبه كالحر واما كون العاقد طائعا جادا عامدا فليس بشرط لانعقاد هذا العقد ولا لنفاده عندنا لكنه من شرائط الصحة كما في بيع العين واسلامه ليس بشرط أصلا فتجوز الإجارة والاستئجار من المسلم والذمي الحرب المستأمن لان هذا من عقود المعاوضات فيملكه المسلم والكافر جميعا كالبياعات غير أن الذمي ان استأجر دارا من مسلم في المصر فأراد أن يتخذها مصلى للعامة ويضرب فيها بالناقوس له ذلك ولرب الدار وعامة المسلمين أن يمنعوه من ذلك على طريق الحسبة لما فيه من احداث شعائر لهم وفيه تهاون بالمسلمين واستخفاف بهم كما يمنع من احداث ذلك في دار نفسه في أمصار المسلمين ولهذا يمنعون من احداث الكنائس في أمصار المسلمين قال النبي صلى اله عليه وسلم لا خصاء في الاسلام ولا كنيسة أي لا يجوز اخصاء الانسان ولا احداث الكنيسة في دار الاسلام في الأمصار ولا يمنع أن يصلى فيها بنفسه من غير جماعة لأنه ليس فيه ما ذكرناه من المعنى ألا ترى انه لو فعل ذلك في دار نفسه لا يمنع منه ولو كانت الدار بالسواد ذكر في الأصل انه لا يمنع من ذلك لكن قيل إن أبا حنيفة إنما أجاز ذلك في زمانه لان أكثر أهل السواد في زمانه كانوا أهل الذمة من المجوس فكان لا يؤدى ذلك إلى الإهانة والاستخفاف بالمسلمين وأما اليوم فالحمد لله عز وجل فقد صار السواد كالمصر فكان الحكم فيه كالحكم في المصر وهذا إذا لم يشرط ذلك في العقد فأما إذا شرط بأن استأجر ذمي دارا من مسلم في مصر من أمصار المسلمين ليتخذها مصلى للعامة لم تجز الإجارة لأنه استئجار على المعصية وكذا لو استأجر ذمي من ذمي ليفعل ذلك لما قلنا ولا بأس باستئجار ظئر كافرة والتي ولدت من فجور لان الكفر والفجور لا يؤثران في اللبن لان لبنهما لا يضر بالصبي ويكره استئجار الحمقاء لقوله صلى الله عليه وسلم لا ترضع لكم الحمقاء فان اللبن يفسد والظاهر أن المراد منه غير الام لان الولادة أبلغ من الرضاع نهى وعلل بالافساد لان حمقها لمرض بها عادة ولبن المريضة يضر بالصبي ويحتمل ان النهى عن ذلك لئلا يتعود الصبي بعادة الحمقى لان الصبي يتعود بعادة ظئره والله أعلم وأما الذي يرجع إلى نفسه العقد ومكانه فما ذكرنا في كتاب البيوع وأما شرط النفاذ فأنواع منها خلو العاقد عن الردة إذا كان ذكرا في قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد ليس بشرط بناء على أن تصرفات المرتد موقوفة عند أبي حنيفة وعندهما نافذة وتصرفات المرتدة نافذة
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222