والثانية: نهاية السكر، وهو أن يصير طافحا، ويسقط كالمغشي عليه، لا يتكلم ولا يكاد يتحرك.
والثالثة: حالة متوسطة بينهما. وهي أن تختلط أحواله، فلا تنتظم أقواله وأفعاله، ويبقى تمييز وفهم كلام، فهذه الثالثة سكر. وفي نفود الطلاق فيها الخلاف المذكور. وأما الحالة الأولى، فينفذ طلاقه فيها بلا خلاف، لبقاء العقل وانتظام القصد والكلام. وأما الحالة الثانية، فالأصح عند الامام والغزالي، أنه لا ينفذ طلاقه إذ لا قصد له، ولفظه كلفظ النائم، ومن الأصحاب من جعله على الخلاف، لتعديه بالتسبب إلى هذه الحالة، وهذا أوفق لاطلاق الأكثرين.
الركن الرابع: المحل وهو المرأة. فإن أضاف إلى كلها فقال: طلقتك، فذاك. وكذا لو قال: جسمك، أو جسدك، أو شخصك، أو نفسك، أو جثتك، أو ذاتك طالق، طلقت.
ولو أضاف إلى بعضها شائعا، طلقت أيضا، سواء أبهم فقال: بعضك أو جزءك طالق، أو نص على جزء معلوم كالنصف والربع، واحتجوا لذلك بالاجماع وبالقياس على العتق، فقد ورد فيه من أعتق شقصا...
ولو أضاف إلى عوض معين، طلقت سواء كان عضوا باطنا كالكبد والقلب والطحال، أو ظاهرا كاليد، سواء كان مما يفصل في الحياة كالشعر والظفر، أم لا كالإصبع، والإصبع الزائدة كالأصلية. وحكى الحناطي قولا ضعيفا في الشعر، كما لا ينقض الوضوء، ولا شك في اطراده في السن والظفر.
قلت: بينهما فرق ظاهر، فإن اتصال السن آكد من الشعر. وأما اشتراكهما في نقض الوضوء وعدمه، فلعدم الاحساس، ولأنهما جزءان، فأشبها اليد. والله أعلم.
وإن أضاف إلى فضلات البدن كالريق، والعرق، والمخاط، والبول، أو إلى الأخلاط كالبلغم، والمرتين لم تطلق على الصحيح. وحكى الحناطي والامام وجها: وإن أضاف إلى اللبن والمني، لم تطلق على الأصح، لأنهما متهيئان للخروج كالبول.