على الخلاف فيما لو باع مال أبيه على أنه حي فكان ميتا، والطلاق أولى بالنفوذ.
وأنه لو قال لرجل: أمر امرأتي بيد الله تعالى وبيدك، يسأل، فإن قال: أردت أنه لا يستقل بالطلاق، قبل قوله ولم يكن له أن يطلق، وإن قال: أردت أن الأمور كلها بيد الله تعالى، والذي أثبته الله لي جعلته في يدك، قبل واستقل ذلك الرجل.
وأنه لو قال: كل أمر لي عليك قد جعلته بيدك، فعندي أن هذا ليس بتفويض صريح، وأنه ليس لها أن تطلق نفسها ثلاثا ما لم ينو هو الثلاث. وأنه لو قال لها:
اختاري اليوم وغدا وبعد غد، فالمضاف إلى الزمن المستقبل ينبغي أن يكون على الخلاف، في أن التفويض عليك أم توكيل؟ إن قلنا: تمليك، لم يحتمل التراخي كالبيع، وإلا فهو كتوكيله بالبيع اليوم وغدا وبعد غد، فعلى هذا، له الرد في بعض الأيام دون بعض.
فصل قال: طلقي نفسك ونوى الثلاث، فقالت: طلقت نفسي ونوت الثلاث، وقع الثلاث. وإن لم تنو هي العدد، فهل يقع واحدة أم الثلاث؟ وجهان.
أصحهما: واحدة. ولو قال: طلقي نفسك ثلاثا، فقالت: طلقت أو طلقت نفسي ولم تلفظ بالعدد ولا نوته، وقع الثلاث، لأن قولها هنا جواب لكلامه، فهو كالمعاد في الجواب، بخلاف ما إذا لم يتلفظ هو بالثلاث ونوتها، لأن المنوي لا يمكن تقدير عوده في الجواب، فإن التخاطب باللفظ لا بالنية. وفيه احتمال للامام، أنه لا يقع إلا واحدة. ولو فوض بكناية ونوى عددا وطلقت هي بالكناية ونوت العدد، وقع ما نوياه.
فلو نوى أحدهما عددا، والآخر عددا آخر، وقع الأقل. ولو قال: طلقي نفسك ثلاثا، فطلقت واحدة أو ثنتين، وقع ما أوقعته. ثم إن أوقعت واحدة فراجعها في الحال. قال البغوي في الفتاوى: لها أن تطلق ثانية وثالثة، لأنه لا فرق بين أن تطلق الثلاث دفعة، وبين قولها: طلقت نفسي واحدة وواحدة وواحدة، فلا يقدح تخلل الرجعة بين الطلقتين. ولو قال: طلقي واحدة، فقالت: طلقت ثلاثا أو ثنتين، وقعت واحدة، والحكم في الطرفين في توكيل الأجنبي كما ذكرنا.
قلت: وحكى صاحب المهذب وغيره وجها في الوكيل: إذا زاد أو نقص، لا يقع شئ لأنه متصرف بالاذن ولم يؤذن في هذا. والله أعلم.