فإذا فوض فقال: طلقي نفسك إن شئت، فهل هو تمليك للطلاق، أم توكيل به؟
قولان. أظهرهما: تمليك وهو الجديد، فعلى هذا، تطليقها يتضمن القبول، ولا يجوز لها تأخيره، فلو أخرت بقدر ما ينقطع القبول عن الايجاب ثم طلقت، لم يقع.
وقال ابن القاص وغيره: لا يضر التأخير ما داما في المجلس، وقال ابن المنذر: لها أن تطلق متى شاءت، ولا يختص بالمجلس، والصحيح الأول، وبه قال الأكثرون. ولو قال: طلقي نفسك بألف، أو على ألف إن شئت فطلقت، وقع بائنا، وهذا تمليك بعوض. وإذا لم يجر عوض، فهو كالهبة. قال القفال: ولو قال: طلقي نفسك، فقالت: كيف يكون تطليقي لنفسي، ثم قال: طلقت، وقع الطلاق ولم يكن هذا القدر قاطعا، وهذا تفريع على أن الكلام اليسير لا يضر تخلله.
أما إذا قلنا: التفويض توكيل، ففي اشتراط قبولها الخلاف المذكور في سائر الوكالات، ويجئ الوجه الفارق بين صيغة الامر بأن يقول: طلقي نفسك.
وصيغة العقد، كقوله: وكلتك في طلاق نفسك. وهل يجوز تأخير التطليق على هذا القول؟ وجهان. أصحهما: نعم، فتطلق متى شاءت كتوكيل الأجنبي. والثاني وبه قال القاضي حسين البغوي: لا، وطرده القاضي فيما لو قال: وكلتك في طلاق نفسك.
أما إذا قال: طلقي نفسك متى شئت، فيجوز التأخير قطعا، وللزوج أن يرجع فيه قبل أن تطلق نفسها إن جعلناه توكيلا، وكذا إن جعلناه تمليكا على الصحيح، ومنعه ابن خيران.
ولو قال: إذا جاء رأس الشهر، فطلقي نفسك، فإن قلنا: تمليك، لغا، وليس لها التطليق إذا جاء رأس الشهر.. وإن قلنا: توكيل، جاز كتوكيل،