تعالى عنه كان يقول هذا كله جائز ولا يباع شئ من ماله في الدين وليس بعد التفليس شئ ألا ترى أن الرجل قد يفلس اليوم ويصيب غدا مالا وكان ابن أبي ليلى يقول لا يجوز بيعه ولا شراؤه ولا عتقه ولا هبته ولا صدقته بعد التفليس فيبيع ماله ويقضيه الغرماء وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى مثل قول ابن أبي ليلى ما خلا العتاقة في الحجر وليس من قبيل التفليس ولا نجيز شيئا سوى العتاقة من ذلك أبدا حتى يقضي دينه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ويجوز بيع الرجل وجميع ما أحدث في ماله كان ذا دين أو غير ذي دين وذا وفاء أو غير ذي وفاء حتى يستعدى عليه في الدين فإذا استعدى عليه فثبت عليه شئ أو أقر منه بشئ انبغى للقاضي أن يحجر عليه مكانه ويقول قد حجرت عليه حتى أقضي دينه وفلسته ثم يحصي ماله ويأمره بأن يجتهد في التسوم ويأمر من يتسوم به ثم ينفذ القاضي فيه البيع بأغلى ما يقدر عليه فيقضي دينه فإذا لم يبق عليه دين أحضره فأطلق الحجر عنه وعاد إلى أن يجوز له في ماله كل ما صنع إلى أن يستعدى عليه في دين غيره وما استهلك من ماله في الحالة التي حجر فيها عليه ببيع أو هبة أو صدقة أو غير ذلك فهو مردود وإذا أعطى الرجل الرجل متاعا يبيعه ولم يسم بالنقد ولا بالنسيئة فباعه بالنسيئة فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول هو جائز وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول البيع جائز والمأمور ضامن لقيمة المتاع حتى يدفعه لرب المتاع فإذا خرج الثمن من عند المشتري وفيه فضل عن القيمة فإنه يرد ذلك الفضل على رب المتاع وإن كان أقل من القيمة لم يضمن غير القيمة الماضية ولم يرجع البائع على رب المتاع بشئ والله تعالى أعلم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا دفع الرجل إلى الرجل سلعة فقال بعها ولم يقل بنقد ولا بنسيئة ولا بما رأيت من نقد أو نسيئة فالبيع على النقد فإن باعها بنسيئة كان له نقض البيع بعد أن يحلف بالله ما وكل أن يبيع إلا بنقد فإن فاتت فالبائع ضامن لقيمتها فإن شاء أن يضمن المشتري ضمنه فإن ضمن البائع لم يرجع البائع على المشتري وإن ضمن المشترى رجع المشتري على البائع بالفضل مما أخذ رب السلعة عما ابتاعها به لأنه لم يؤخذ منه إلا ما لزمه من قيمة السلعة التي أتلفها إذا كان البيع فيها لم يتم (قال) وإذا اختلف البيعان فقال البائع بعتك وأنا بالخيار وقال المشتري بعتني ولم يكن لك خيار فإن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يقول القول قول البائع مع يمينه وكان ابن أبي ليلى يقول القول قول المشتري وبه يأخذ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا تبايع الرجلان عبدا وتفرقا بعد البيع ثم اختلفا فقال البائع بعتك على أني بالخيار ثلاثا وقال المشتري بعتني ولم تشترط خيارا تحالفا وكان المشتري بالخيار في فسخ البيع أو يكون للبائع الخيار وهذا - والله تعالى أعلم - كاختلافهما في الثمن نحن ننقض البيع باختلافهما في الثمن وننقضه بادعاء هذا أن يكون له الخيار وأنه لم يقر بالبيع إلا بخيار. وكذلك لو ادعى المشتري الخيار كان القول فيه هكذا (قال) وإذا باع الرجل جارية بجارية وقبض كل واحد منهما ثم وجد أحدهما بالجارية التي قبض عيبا فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى: كان يقول يردها ويأخذ جاريته لأن البيع قد انتقض وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول يردها ويأخذ قيمتها صحيحة وكذلك قولهما في جميع الرقيق والحيوان والعروض (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا بايع الرجل الرجل جارية بجارية وتقابضا ثم وجد أحدهما بالجارية التي قبض عيبا ردها وأخذ الجارية التي باع بها وانتقض البيع بينهما وهكذا جميع الحيوان والعروض وهكذا إن كانت مع إحداهما دراهم أو عرض من العروض وإن ماتت الجارية في يدي أحد الرجلين فوجد الآخر عيبا بالجارية الحية ردها وأخذ قيمة الجارية الميتة لأنها هي الثمن الذي دفع كما يردها ويأخذ الثمن الذي دفع، وإذا اشترى الرجل بيعا لغيره بأمره فوجد به عيبا فإن أبا حنيفة
(١١٠)