دعواه ببينة، فتكون البينة أولي من اليمين وإن نكل البائع رددنا اليمين على المشتري اتهمناه أو لم نتهمه فإن حلف رددنا على السلعة بالعيب وإن نكل عن اليمين لم نرددها عليه ولم نعطه بنكول صاحبه فقط إنما نعطيه بالنكول إذا كان مع النكول يمينه، فإن قال قائل ما دل على ما ذكرت؟ قيل قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاريين بالأيمان يستحقون بها دم صاحبهم فنكلوا ورد الأيمان على يهود يبرءون بها ثم رأى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه الأيمان على المدعى عليهم الدم يبرءون بها فنكلوا فردها على المدعين ولم يعطهم بالنكول شيئا حتى رد الأيمان وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم النص المفسرة تدل على سنته الجملة وكذلك قول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وقول النبي صلى الله عليه وسلم (البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه) ثم قول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ذلك جملة دل عليها نص حكم كل واحدة منهما والذي قال لا يعدو باليمين المدعى عليهم يخالف هذا فيكثر ويحمل الحديث ما ليس فيه وقد وضعنا هذا في كتاب الأقضية واليمين بين المتبايعين على البت فيما تبايعا فيه، وإذا باع الرجل بيعا فبرئ من كل عيب فإن أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه كان يقول البراءة من كل ذلك جائزة ولا يستطيع المشتري أن يرده بعيب كائنا ما كان ألا ترى أنه لو أبرأه من الشجاج برئ من كل شجة ولو أبرأه من القروح برئ من كل قرحة وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول لا يبرأ من ذلك حتى يسمي العيوب كلها بأسمائها ولم يذكر أن يضع يده عليها، (قال الشافعي) رضي الله تعالى عنه: وإذا باع الرجل العبد أو شيئا من الحيوان بالبراءة من العيوب فالذي نذهب إليه - والله تعالى أعلم - قضاء عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه أنه برئ من كل عيب لم يعلمه ولم يبرأ من عيب علمه ولم يسمه البائع ويقفه عليه وإنما ذهبنا إلى هذا تقليدا وأن فيه معنى من المعاني يفارق فيه الحيوان ما سواه وذلك أن ما كانت فيه الحياة فكان يتغذى بالصحة والسقم وتحول طبائعه قلما يبرأ من عيب يخفى أو يظهر فإذا خفى على البائع أبرئه ببرئه منه فإذا لم يخف عليه فقد وقع اسم العيوب على ما نقصه يقل ويكثر ويصغر ويكبر وتقع التسمية على ذلك فلا يبرئه منه إلا أن يقفه عليه وإن أصح في القياس لولا التقليد وما وصفنا من تفريق الحيوان غيره لأن لا يبرأ من عيب كان به لم يره صاحبه ولكن التقليد وما وصفنا أولى بما وصفناه، وإذا اشترى الرجل دابة أو خادما أو دارا أو ثوبا أو غير ذلك فادعى فيه رجل دعوى ولم يكن للمدعي على دعواه بينة فأراد أن يستحلف المشتري الذي في يديه ذلك المتاع على دعواه فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول اليمين عليه البتة بالله ما لهذا فيه حق وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول عليه أن يحلف بالله ما يعلم أن لهذا فيه حقا (قال الشافعي) رحمه الله تعالى اليمين عليه بالبت ما لهذا فيه حق ويسعه ذلك إذا لم يكن يعلم لهذا فيه حقا وهكذا عامة الأيمان والشهادات، وإذا اشترى المشتري بيعا على أن البائع بالخيار شهرا أو على أن المشتري بالخيار شهرا فإن أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه كان يقول البيع فاسد ولا يكون الخيار فوق ثلاثة أيام بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول من اشترى شاة محفلة فهو بخير النظرين ثلاثة أيام إن شاء ردها ورد معها صاعا من تمر أو صاعا من شعير فجعل الخيار كله على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبن أبي ليلى يقول الخيار جائز شهرا كان أو سنة وبه يأخذ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا اشترى الرجل العبد أو أي سلعة ما اشترى على أن البائع بالخيار أو المشتري أو هما معا إلى مدة يصفانها فإن كانت المدة ثلاثا أو أقل فالبيع جائز وإن كانت أكثر من ذلك بطرفة عين فأكثر فالبيع منتقض فإن قال قائل وكيف جاز الخيار ثلاثا ولم يجز أكثر من ثلاث؟ قيل لولا الخبر عن
(١٠٥)