____________________
(1) في البطلان إشكال بل منع، فإن الاغتسال في الحمام لقاء أجرة لا يدخل تحت الإجارة، لأن الشروط المعتبرة في صحة الإجارة غير متوفرة هنا حيث أن الاغتسال في الحمام ليس على نحو وادح من حيث الزمان وصرف الماء وما شاكل ذلك، بل هو يختلف من هذه الجهة باختلاف الأشخاص والحالات، فإذن لا ينطبق عليه ضابط الإجارة بأن يكون من يقوم بالاغتسال يملك التصرف في الحمام والحمامي يملك الأجرة المسماة في ذمته. بل الظاهر منه بمناسبة الحكم والموضوع الارتكازية أنه داخل في المعاملة الإباحية وهي أن المالك أباح التصرف في ماله لقاء أجر معين، وما نحن فيه من هذا القبيل، فإن الحمامي أباح الدخول في الحمام والاغتسال فيه لكل فرد لقاء أجرة معينة فإذا دخل فيه واغتسل فقد ضمن الأجرة، فالمعاملة الإباحية متقومة بضمان الأجرة المسماة لقاء تصرف خاص والالتزام بإعطاء الأجرة خارجا ليس من مقوماتها، فإن المعاملة إنما هي بين الاغتسال في الحمام والأجرة المعينة في الذمة لأن الاغتسال فيه إن كان بدون إذن الحمامي وإباحته فالمتصرف يضمن أجرة المثل وإن كان بإذنه وإباحته يعوض لا مجانا يضمن العوض المسمى، وعلى هذا فعدم التزام شخص بإعطاء الأجرة في الخارج لا يضر بصحة غسله، وهذه المعاملة معاملة عقلائية قد ثبت ببناء العقلاء عليها حيث أن للمالك أن يبيح التصرف في ماله مجانا، وله أن يبيح التصرف فيه مع العوض. وعلى ضوء ذلك فمن بنى على عدم إعطاء الأجرة خارجا لدى الخروج فغسله صحيح ولا يكون باطلا. نعم لو كان مرجع إباحة الحمامي الدخول في حمامه والاغتسال فيه إلى أن رضاءه بذلك معلق على إعطاء الأجرة خارجا بنحو الشرط المتأخر لكي يكون مرده إلى أن موضوع رضائه حصة خاصة وهي من يعطي الأجرة لدى الخروج لا مطلقا فيكون لازمه أن من لم يعط الأجرة فغسله باطل لأنه خارج عن موضوع الرضا، ولكن ذلك خلاف الارتكاز العرفي من المعاملات الإباحية، فإن المرتكز منها هو الأول. وعلى هذا فالأظهر أن غسل من بنى على عدم إعطاء العوض خارجا لدى الخروج صحيح، وبذلك يظهر حال ما بعده.