الفترة ولم يهتك عند إمكان الفرصة ستر المراقبة والحشمة ليسلم من غوائل الضغينة عند زوال الفتنة ونزول السكينة فصل من جعله الله بأمر من أمور دينه كفيلا فقد أعطاه من كرامته حظا جزيلا وفضله على كثير من عباده تفضيلا فصل قوام الملك بالمال والرجال واستمالة القلوب في وقت الاستعطاف أولى من تحصين الأموال وإنما المال عدة لدفع النوائب وعمدة لكشف الكرائب وليس بحازم من يمسكه عند وجوب إنفاقه كما أنه ليس بعاقل من يتلفه عند جواز إمساكه وإنما جمع الملوك ما جمعوه من أموالهم واتخذوا ما اتخذوه من عتادهم ليفرقوه في أوليائهم على حكم الوجوب عند الاشتغال بمنازلة الخطوب فصل إن الله جعل القرآن نور القلوب وشفاء الصدور والعروة الوثقى لأهل دينه إلى يوم الحشر والنشور قد بين فيه آثار الأمم الخالية فيما أخطأوا فيه وأصابوا وأخبار القرون الماضية فيما أحسنوا فيه وأساؤا ليختار السعيد من عباده ما حمده الله من سائر الأمم ويجتنب ما ذمه من غيرهم من الخصال والشيم فهذا نموذج من نثره الجزل السهل وقوله الفصل وهو القائل من نتفة في الإعراض عن قرض الشعر (لما تركت الشعر نكب معرضا * عني فقل في معرض عن معرض) وأنشدني أبو القاسم عبد الصمد بن علي الطبري أيده الله تعالى له من قصيدة كتبها إلى الأستاذ أبي العلاء بن حسول أيده الله وعليه زعمه أعني أبا القاسم (جمال الورى ما المجد إلا مطية * يمينك أضحت مالكا لقيادها) (جلت بك قسرا عن بلادك عصبة * رأت لك فضلا لم يكن في سوادها)
(٢٥٣)