والأدباء والشعراء كل يوم وليلة على المدارسة والمذاكرة والمناشدة فيبذنا أبو المحاسن بحسن محاضرته ومبادهته ويعجبنا من بلاغته وبراعته على حدوث ميلاده وقرب إسناده وكتب لي جزءا من شعره بخطه هو حتى الآن عندي وأتممت كتاب اليتيمة بحضرته فافتض عذرته وتحفظ أكثره ولم يفرق بيننا إلا أن جاءني داعي الأمير أبي العباس مأمون بن مأمون خوارزمشاه تغمده الله بغفرانه ومهد له أعلى جنانه فنهضت من جرجان إلى الجرجانية وضرب الدهر ضربانه ودارت الأدوار ومرت الأعوام وتنقلت الأحوال وكتبت للرئيس أبي سعد سعادة المحتضر وأفضى به الأمر إلى الأجل المنتظر وقام الشيخ أبو المحاسن أيده الله تعالى مقامه في الرياسة وأربى عليه في السياسة والسفارة والقبول التام عند الخاص والعام وبلغ من البلاغة والتقدم نحو سيبويه وفي الفقه والشعر مبلغا تثنى به الخناصر وتثنى عليه الشبابات وطلع في سنة أربع وعشرين على نيسابور رسولا إلى حضرة السلطان الأعظم أدام الله تعالى ملكه ومؤديا وديعة الكيا الأجل أبي كاليجار أدام الله عزه فملأ العيون جمالا والقلوب كمالا وأوسع أهلها فضلا وأفضالا وأقر عيني منه بلقاء شخص المجد وتجديد العهد القديم بأوحد الدهر ولم يتفق لي تعليق شعره الجديد لعارض من المرض ألم بي حتى فاتني ما مددت عيني إليه من عقود دره وعقد سحره مع انقلابه إلى مركز عزه وعلى كل نجح رقيب من الآفات وأنا اقتصر هاهنا على كتبة نبذ من بنات خاطره القديمة إلى أن الحق بها وسائط من قلائده الحديثة وهذه نسخة فصل من نثره بدأت به ولم أقرأ أبرع وأبدع منه في فنه كنت خاطبت الشيخ بخطاب دللت فيه على غلوي في دين وده وضربي سكة الإخلاص باسمه وتلاوتي سور معاليه التي تكد لطولها لسان راويها وإيماني بشريعة مكارمه التي بعث والحمد لله نبيا فيها فدعا إليها دعوة استجابت لها الكرماء وحجت كعبة فضله الآمال الانضاء وخلد ذكره في صحف المكرمات تخليدا واعتقد الخلود من سودده علما لا تقليدا وقضى حكام المجد بأنه الذي تلقى رايات المجد باليمين وتوخى نظم شاردها بعرق الجبين وهذه نسخة رسالة له إلى بعض خواص الشيخ شمس الكفاة رحمه الله
(١٦٦)