أما تاريخ شيخنا الذهبي: غفر الله له ولا آخذه، فإنه على حسنه وجمعه مشحون بالتعصب المفرط، فلقد أكثر الوقيعة في أهل الدين، أعني الفقراء الذين هم صفوة الخلق، واستطال بلسانه على كثير من أئمة الشافعية والحنفيين، وقال وأفرط على الأشاعرة، ومدح وزاد في المجسمة، هذا وهو الحافظ القدوة، والإمام المبجل، فما ظنك بعوام المؤرخين؟
فالرأي عندنا أن لا يقبل مدح ولا ذم منهم إلا بما اشترطه - يعني والده وقد ذكر شروطا لذلك منها: الصدق، والمعرفة، وعدم غلبة الهوى -.
ثم قال: لا يجوز الاعتماد على الذهبي في ذم أشعري، ولا شكر حنبلي، لما حكي عن العلائي كونه - بعد وصفه له بالتدين والورع قال -: قد غلب عليه مذهب الإثبات والغفلة عن التنزيه، حتى أثر ذلك في طبعه انحرافا شديدا عن أهل التنزيه وميلا قويا إلى أهل الإثبات. فإذا ترجم واحدا منهم يطنب في وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن، ويبالغ في وصفه، ويتغافل عن غلطاته ويتأول له ما أمكن.
وإذا ذكر أحدا من الطرف الآخر، كإمام الحرمين، والغزالي، ونحوهما، لا يبالغ في وصفه، ويكثر من قوله من طعن فيه، ويعيد ذكره، ويبديه، ويعتقده دينا وهو لا يشعر، ويعرض عن محاسنهم الطافحة فلا يستوعبها، وإذا ظفر لأحد منهم بغلطة ذكرها.
وكذلك فعله في أهل عصرنا، إذا لم يقلد على أحد منهم بتصريح يقول في ترجمته: والله يعلم. ونحو ذلك مما سببه المخالفة في العقائد.
قال التاج: إن الحال في حقه أزيد مما وصف العلائي، وهو شيخنا، ومعلمنا، غير أن الحق أحق أن يتبع، وقد وصل من التعصب المفرط إلى حد