معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٨٤
رأسه، وإنما كان يقول: فوالله ما أبالي أسقطت على الموت أم سقط علي " (1).
ولم يكن الإمام يتألم من هذا، وإنما كان يتألم أن يرى باطلا ولا يستطيع كسره.
وذلك لأنه يعيش في دائرة الإيمان الكامل. وأصحاب هذه الدائرة لا تشعر جوارحهم إلا بما في مخزون الفطرة ودائرة العبادة الحق. لقد كان الإمام يعلم بأنه مقتول، ولكنه كان يأخذ بأسباب إقامة المجتمع الصالح. وليس معنى أن الله تعالى كتب على كل إنسان الموت وأن يجلس الإنسان على سريره لينتظر الموت، وإنما عليه أن يكد ويحصل العلوم ويأخذ بأسباب الحياة الكريمة التي تؤمن صلاح الدنيا بما يوافق الكمال الأخروي.
والإمام أعلن أمام الجميع إخبار الرسول له بأنه مقتول. وهناك فرق بين مقتول وميت. فإذا كانت الأمة ستقتل الإمام، فهل هذا أخذا بأسباب الحياة الكريمة؟ قد يقال إن الذي قتله إنسان واحد، فنقول إن الذي قتل الناقة كان إنسان واحد، ولكن الله عندما أخبرنا بقتلها قال: " فكذبوه فعقروها " ثم أخبرهم الإمام أن بعد القتل سيأتيهم العذاب. والعجيب أن الإمام عندما أخبرهم بأنه سيقتل وأن معاوية سيملك ما تحت قدمه. سارع البعض بإرسال الرسائل إلى معاوية واتخذوا عنده الأيادي. فهل هذا أخذا بالأسباب الكريمة؟. فإذا جاء العذاب فهل يكون العذاب إلا نتيجة طبيعية لأعمالهم. لأن الله لا يظلم مثقال ذرة.
إن الإنسان الذي يفسد دينه الفطري لا تتعادل قواه الحسية الداخلية، وتصبح معظم ملكات نفسه في حالة جوع دائم. واليهود عندما فسد دينهم الفطري جاعت نفوسهم، وعندما جاء إليهم أنبياء الله ورسله لإطعامهم الحلال، لم يجدوا في الحلال كفاية، فقتلوا الأنبياء، ولما كان لا بد أن يسير اليهود وراء إمام لهم، بشرط أن يكون هذا الإمام موافق لما يريدون، بدأوا ينقبون في أحاديث الغيب وأخبار المستقبل التي تركتها رسلهم. فوجدوا أحاديث عليها علامات تحذيرية وأخرى عليها علامات تبشيرية، واختلط الأمر عليهم فهناك

(1) العقد الفريد 119 / 1.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459