فالرايات يوم صفين، كان فيها من الله برهان. فالذي يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا معروف. وقتال بني أمية من أجل الملك مشهور. وهذا القتال له بذور غرست في الفتن. وروى أنه قد قيل لسفينة: إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم. فقال: كذبوا بنو الزرقاء (1)، بل هم ملوك من شر الملوك " (2)، وبنو أمية ما زعموا هذا إلا على أساس. فلقد سمعوا الأحاديث التي تخبر بأنهم سيصلون إلى الملك (3). ولأن هذه الأحاديث أحاديث تحذيرية. رفعوها من دائرة التحذير إلى دائرة التبشير. وقاتلوا على ذلك. ساروا وسط الأمة يتعوذون من الفتنة وهم في الفتنة سقطوا لأنهم الذين حفروا حفرتها. وسنرى فيما بعد ماذا صنعوا كي بخبرهم أمير المؤمنين بخبرهم في المستقبل. وسنرى أن حركتهم خلال أحداث صفين ما تركت بابا يساعد على تأصيل هذا الشذوذ إلا فتحوه ليخلطوا الأمور على الناس فيما بعد. فالذي يبحث في الخلافة يجدهم. والذي يبحث في الملك يجدهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وإذا كنا قد تحدثنا عن الرايات على أرض الاصطفاف. فلنتحدث عن بعض الرجال الذين تحت هذه الرايات. أما معسكر أمير المؤمنين. روى أنه كان في جيش علي ثمانون بدريا ومائة وخمسون ممن بايع تحت الشجرة (4)، وكان جميع من شهد معه من الصحابة ألفين وثمانمائة (5) على رأس هؤلاء: عمار بن ياسر. الذي بشره النبي صلى الله عليه وسلم بأن الفئة الباغية تقتله وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من عادي عمارا عاداه الله ومن أبغض