بذلك، فوقف فيمن يليهم من أصحابه. فقال: انهضوا إليهم عليكم السكينة والوقار، وقار الإسلام وسيما الصالحين، فوالله لأقرب قوم من الجهل قائدهم ومؤذنهم معاوية، وابن النابغة، وأبو الأعور السلمي، وابن أبي معيط شارب الخمر المجلود جلدا في الإسلام. وهم أولى من يقومون فينتقصونني ويجذبونني. وقبل اليوم ما قاتلوني وأنا إذ ذاك أدعوهم إلى الإسلام، وهم يدعونني إلى عبادة الأصنام، الحمد الله قديما عاداني الفاسقون فعبدهم الله، ألم يفتحوا؟ إن هذا لهو الخطب الجليل، إن فساقا كانوا غير مرضيين وعلى الإسلام وأهله متخوفين. خدعوا شطر هذه الأمة. وأشربوا قلوبهم حب الفتنة ما استمالوا أهواءهم بالإفك والبهتان. قد نصبوا لنا الحرب في إطفاء نور الله عز وجل، اللهم فافضض خدمتهم، وشتت كلمتهم، وأبسلهم بخطاياهم، فإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت (1).
لقد جلسوا على الطرقات يشتمون، فإذا أمير المؤمنين يصدر أوامره لاتباعه: انهدوا إليهم عليكم السكينة والوقار، وقار الإسلام وسيما الصالحين!!
فأي فرق بين هذا وذاك!؟ لقد كان عليه السلام في قتاله يقود الناس إلى صراط الله العزيز الحميد، رغم ضراوته في القتال. كان يقيم الحجة أولا ثم يضرب بكل قوة أصحاب الرقاب الغليظة الذين يشيدون الطرق نحو سنن اليهود والنصارى، حتى لا يقذفون بالأمة في دروبها المظلمة، وبقدر صمود الناس من حوله تكون قوة الضربات. روي أنه كان في صفين لا يرجع حتى يخصب سيفه، وأنه حمل ذات يوم على أعدائه فلم يرجع حتى انثنى سيفه، فألقاه إليهم وقال:
لولا أنه انثنى ما رجعت (2). وذكر علماء التاريخ وغيرهم أنه بارز في أيام صفين، وقتل خلقا حتى ذكر بعضهم أنه قتل خمسمائة (3). وكانت أقوى ضرباته بعد أن قتل عمار بن ياسر. وروي أنه في يوم من أيام صفين، قال الناس: إن