الشيطان. وبرنامج الشيطان يعتمد على التزيين والإغواء، ليصل بالإنسان إلى مرحلة الاحتناك، وهي مرحلة خدمة الأهواء والسياسة الشيطانية، والإنسان بين برنامج الفطرة وبين برنامج الشيطان حر مختار، بمعنى أن الله تعالى حاصر الإنسان بجميع الحجج في نفسه وفي الوجود حتى لا تكون له على الله حجة. ثم أمر سبحانه الجوارح أن تطيع صاحبها فيما يريد، ويختار، وكلما اختار الإنسان شيئا من دائرة الشيطان، انطفأ نور من أنوار الفطرة بداخله - فإذا اختار الكفر خرج الإيمان من قلبه، وفي كل إنسان قلب واحد وهذا القلب لا يحمل إلا شيئا واحدا.
قال تعالى: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) (1)، ولأن الله تعالى يعلم أن وسائل الشيطان لها بريقها، وأن هذا البريق سيكون عاملا مهما في الصد عن سبيل الله، بعث سبحانه الرسل على فترات، ليبينوا للناس أسباب الهدى كي تطرد القلوب الكفر وتعمر بالإيمان.
والرسالة الخاتمة جاءت لتدعو الناس إلى صراط الله العزيز، وحذرت من دوائر الشيطان أشد التحذير، وما تركت الرسالة سبيلا إلى الهدى إلا بينته. ومن فضل الله تعالى على الأمة الخاتمة أنه سبحانه أوحي إلى رسوله بما سيحدث في أمته حتى قيام الساعة، وأخبره بخطوات الشيطان في بعض القبائل وداخل بعض النفوس ليحذر أمته من هذا ومن ذاك، وأخبره سبحانه بعلمه المطلق أنه رغم تحذيره إياهم إلا أن الغالب الأعم من الأمة لن ينصت إلى هذا التحذير وأن الأمة ستختلف ثم ستفترق ثم ستتبع سنن الأولين شبرا بشبر وذراعا بذراع، وعلى امتداد هذا الطريق فإن الحجة فوق الرؤوس، وفي الكون وفي أعماق أعماق النفس حيث الفطرة والموعد الله. ومعنى أن الحجة فوق الرؤوس أن الحجة مستمرة وتسوق الناس إلى صراط الله العزيز. ولا يضرها من خالفها أو خذلها أو ناوأها. ولا يضرها قتل أو قطع رؤوس أو سجن أو طرد أو نفي. فالملك لله، والموعد الله.
وفي عهد الإمام علي كان الإمام يعلم نهايته. فلم يتألم لأنه سيضرب على