بجرانه، فقال أمير المؤمنين: والله إنها للعلامة بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم (1). وروي كان درع علي بن أبي طالب لا ظهر لها. فقيل له في ذلك، فقال: إذا استمكن عدوي من ظهري فلا يبقى (2). وروي إنه كان بعد المعركة وفي نهاية كل يوم كان يظهر في إزار ورداء. فقيل له: أتقتل أهل الشام بالغداة وتظهر بالعشي في إزار ورداء؟! فقال: أبا لموت تخوفوني؟! فوالله ما أبالي أسقطت على الموت أم سقط علي (3).
ولم يكن هدف الإمام القتل، وإنما إقامة الحجة، وفتح طريق الهداية أمام الذين وقعوا تحت تأثير الإعلام الأموي، وكان هذا الإعلام قد بث في الناس أن عليا لا يصلى وأنه قتل عثمان، وإذا وقع في يده أسير فإن عليا يقتله صبرا. ومن معالم إقامة الحجة أثناء المعركة على الذين سقطوا ضحية للإعلام الأموي. روي أن عليا أتي بأسير يوم صفين، فقال له الأسير: لا تقتلني صبرا، فقال الإمام: لا أقتلك صبرا إني أخاف الله رب العاملين، وخلى سبيله، ثم قال له: أفيك خير يتابع (4).
وروي أن شابا من معسكر معاوية أنشد:
أنا ابن أرباب الملوك غسان * والدائن اليوم بدين عثمان نبأنا قراؤنا بما كان * أن عليا قتل ابن عفان وظل الشاب يشتم ويلعن، فلقيه هاشم بن عتبة وكان من أصحاب علي فقال له: يا هذا إن الموقف وما أردت به. قال: فإني أقاتلكم لأن صاحبكم لا يصلي كما ذكر لي، وأنتم لا تصلون أيضا. وأقاتلكم لأن صاحبكم قتل خليفتنا وأنتم ساعدتموه على قتله، فقال له هاشم: وما أنت وابن عفان، إنما قتله أصحاب محمد وأبناء الصحابة وقراء الناس، حين أحدث الأحداث وخالف حكم