وأكثر الأحاديث التي ذكر فيها أسماء بعض الناس أو القبائل كي تحذرهم الأمة. استغلها كعب الأحبار. وكان من المتخصصين في القص مستغلا أحاديث آخر الزمان والجنة والنار. فكعب على مساحة اللا رواية. جاء بأحاديث من دائرة التخدير ووضع عليها رداء التبشير، ولقد استفاد من هذا خط بني أمية من بدايته إلى نهايته. ومن الثابت بل ومن المشهور أن كعبا كان من المنحرفين عن علي بن أبي طالب (1)، وكان أبو ذر يهاجمه في وجود عثمان إذا رآه يتدخل في توزيع الخراج. وبلغت المأساة ذروتها. عندما ألقى كعب في نفس معاوية بأحاديثه المختلفة وقصصه الإسرائيلية. وأخبره بأنه الخليفة بعد عثمان.
وبعد هذا البيان لا يستغرب أن نسمع أمير المؤمنين علي يقول لأصحابه يوم صفين: انفروا إلى بقية الأحزاب، امضوا بنا إلى ما قاله الله ورسوله. إنا نقول صدق الله ورسوله. ويقولون: كذب الله ورسوله " (2)، وليس معنى أنهم يقولون هذا. أنهم يسيرون بين الناس ويرددونها. وإنما المعنى: أن لهم تأويلا خاصا في مال الله. ودين الله وعباد الله. ولهم موقفهم الخاص من رسول الله والذي يعلمه الله. وبينه رسوله عندما وضعهم ضمن الذين يبغضونه. ولا يستغرب أيضا أن نسمع الإمام يقول بعد أن رفع معسكر معاوية المصاحف ليعبر عن أهدافه من تحتها " إن معاوية وابن العاص وابن أبي معيط وحبيب بن سلمة وابن أبي السرح والضحاك، ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، أنا أعرف بهم منكم " (3)، وقوله أيضا في معاوية وأبيه " طليق بن طليق، حزب من الأحزاب.
لم يزل حربا لله ورسوله هو وأبوه. حتى دخلا في الإسلام كارهين " (4)، وقوله:
" والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أسلموا. ولكن استسلموا، وأسروا الكفر. فلما وجدوا عليه أعوانا. رجعوا إلى عداوتهم لنا. إلا أنهم لم يتركوا