للنكوص (1) رجلا، فصبر جميل حتى تنجلي عن وجه الحق، وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم، وتقدم أمير المؤمنين على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهباء " (2).
ومن آراء أمير المؤمنين قبل القتال روي أنه قال: لا تقتلوا القوم حتى يبدؤكم. فأنتم بحمد الله عز وجل على حجة، وترككم إياهم حتى يبدؤكم حجة أخرى لكم. فإذا قاتلتموهم فهزمتموهم، فلا تقتلوا مدبرا، ولا تجهزوا على جريج، ولا تكشفوا عورة، ولا تمثلوا بقتيل. فإذا وصلتم إلى رحال القوم، فلا تهتكوا سترا، ولا تدخلوا دارا إلا بإذن، ولا تأخذوا من أموالهم إلى ما وجدتم في عسكرهم، ولا تهجوا امرأة بأذى - وإن شتمن أعراضكم وسبين أمراءكم وصلحاءكم فإنهم ضعاف القوى والأنفس (3).
وبعد هذه التعليمات الرفيعة المستوي، نادي أمير المؤمنين: يا كهيعص (4) اللهم إليك رفعت الأبصار وبسطت الأيدي، ونقلت الأقدام، ودعت الألسن، وأفضت القلوب، وتحوكم إليك في الأعمال، فاحكم بيننا وبينهم بالحق، وأنت خير الفاتحين. اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا، وقلة عددنا، وكثرة عدونا، وتشتت أهوائنا، وشدة الزمان، وظهور الفتن، فأعنا على ذلك بفتح منك تعجله، ونصر به سلطان الحق وتظهره (5).
وبعد أن فرغ أمير المؤمنين، روي عن الحارث أنه قال: رأيت بعيرا من أهل الشاء جاء وعليه راكبه وثقله (6) فألقى ما عليه، وجعل يتخلل الصفوف إلى علي بن أبي طالب. فجعل شفره فيما بين رأس علي ومنكبه، وجعل يحركها