معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٤٦١
وبعد شهادة القتال على الدنيا تأتي شهادة جابر بن عبد الله التي سجل فيها خروج الناس من دين الله أفواجا بعد أن دخلوه أفواجا، فعن أبي عمار قال:
حدثني جار لجابر بن عبد الله قال: قدمت من سفر فجاءني جابر يسلم علي، فجعلت أحدثه عن افتراق الناس وما أحدثوا، فجعل جابر يبكي ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس دخلوا في دين الله أفواجا وسيخرجون منه أفواجا (1)، ومات جابر بن عبد الله في عهد عبد الملك، وبعد شهادة جابر تأتي شهادة أنس بن مالك التي سجل فيها ضياع كل شئ، روى البخاري عن الزهري أنه دخل على أنس فوجده يبكي فقال: ما يبكيك؟ قال: لا أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة. وهذه الصلاة قد ضيعت "، وعن ابن عمران الجوفي قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ما أعرف شيئا اليوم مما كنا عليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلنا: فأين الصلاة قال:
أولم تصنعون في الصلاة ما قد علمتم " (2).
وقد يقول قائل: ما معنى ضياع الصلاة على الرغم من أن الناس يصلون؟
فنقول: إن معنى الضياع هو تفريغ الصلاة من الخشوع كما فرغ القرآن. من التفسير، والخشوع يبهت إذا ابتعد الإنسان عن المصدر الذي يعله الكتاب والحكمة، ومعنى الضياع أيضا أن يتقرب الإنسان بها إلى الله وهو يعتقد أن الإله يمكن أن يرى وأن له أعضاء ويضحك ويبكي إلى غير ذلك. فالصلاة هنا مصدرها الوحيد عالم الضياع الذي ينتهي إلى هباء ضائع في خلاء، ومن معاني الضياع إدخال ما ليس من الصلاة في الصلاة أو سرقتها، وأول من وضع وتد السرقة من الصلاة معاوية بن أبي سفيان وما زالت سرقته جارية إلى يومنا هذا، يقول الإمام فخر الدين الرازي في تصنيف له في سورة الفاتحة:
روى الشافعي بإسناده أن معاوية قدم المدينة فصلى بهم ولم يقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم " ولم يكبر عند الخفض إلى الركوع والسجود، فلما سلم ناداه

(1) رواه أحمد والسيوطي في الجامع ورمز له بالحسن (الفتح الرباني 7 / 24).
(2) رواه أحمد والترمذي من غير وجه عن أنس (الفتح الرباني 99 / 1).
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459