معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٤٥٦
الطريقة سبيلا إلى المخاصمة، فقد تشاح أصحاب الشورى على الخلافة، وأخروا إبرام الأمر، ورجا كل واحد منهم أن يكون خليفة... وكاد يؤدي هذا الأمر إلى الفتنة، فقد تطلع الناس إلى معرفة خليفتهم وإمامهم، واحتاج من أقام لانتظار ذلك من أهل البلدان إلى الرجوع إلى أوطانهم، ولسنا ندري ما الذي حمل سيدنا عمر على الوقوع في هذا الارتباك، وقد كان قادرا على أن يستخلف أصلح القوم، وهو يعرفهم واحدا واحدا، ويعرف عيوبهم وفضائلهم، ولكنه عدل عن ذلك، وإذا لجأت إلى الحرية في الكلام قلت: خاف التبعة ففر منها، فإنه جعل الأمر شورى بين جماعة كل واحد منهم يريد الخلافة لنفسه مخالفا للقواعد النفسية في السياسة، ولقد أنقذ الله المسلمين من فتنة الشورى، وكانوا في غنى عنها لو حزم عمر... ففكرة عمر في أن يجعل أمر المسلمين شورى بين ستة يتزاحمون على الخلافة غلطة نفسية، وقد أدرك معاوية هذه الغلطة، ومثله لا يكاد يفوته شئ من أسرار السياسة النفسية، فقد ذكروا أن زيادا أوفد ابن حصين إلى معاوية، فأقام عنده ما أقام، ثم إن معاوية بعث إليه ليلا فخلا به، فقال له:
يا ابن حصين قد بلغني أن عندك ذهنا وعقلا فأخبرنا عن أي شئ أسألك عنه؟
قال: سلني عما بدا لك، قال: أخبرني ما الذي شتت أمر المسلمين وملأهم وخالف بينهم؟ قال ابن حصين: نعم، قتل الناس عثمان، فقال معاوية: ما صنعت شيئا. قال: فمسير علي إليك وقتاله إياك. فقال: ما صنعت شيئا، قال ابن حصين: فمسير طلحة والزبير وعائشة وقتال علي إياهم، فقال: ما صنعت شيئا. قال: ما عندي غير هذا يا أمير المؤمنين. فقال معاوية: فأنا أخبرك، إنه لم يشتت بين المسلمين، ولا فرق أهواءهم إلا الشورى التي جعلها عمر إلى ستة نفر.... فلم يكن رجل منهم إلا رجاها لنفسه وجاها له قومه وتطلعت إلى ذلك نفسه، ولو أن عمر استخلف عليهم كما استخلف أبو بكر ما كان في ذلك خلاف... وعلى هذا فالشورى غلطة نفسية رحم الله من غلطها.
ويعلق سيد قطب على هذا الكلام فيقول:... إن الشخصية التي يصدر عليها مثل هذا الحكم السريع شخصية جليلة ضخمة فذة في تاريخ الإسلام...
على أنني لست من أنصار القداسة المطلقة للشخصيات الإسلامية، ولست أعني
(٤٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459