والزبير ندما على مسير يوم الجمل (1). ولم يقل لنا الشيخ لماذا كان الندم؟ هل لأنهم كانوا على حق أم أن خصمهم هو صاحب الحق؟
كان هذا مجمل رأي ابن تيمية وفي إمكاننا أن نعارضه بالأدلة التي لا تدفع ولا ترد، ولقد ذكرنا على امتداد هذا الكتاب ما فيه كفاية للرد على هذا الكلام وغيره، ولقد حرصت على أن أعرض وجهة نظر الشيخ حتى يعلم الحاضر حقيقة الأمور من حوله وهو يأخذ بخيوط البحث عن الحقيقة، ولقد تبين لنا أن ابن تيمية يصادر الأصول ولا يقيم لها وزنا إذا تعارضت مع آرائه. وقد وصفه الشيخ ناصر الدين الألباني بأنه " متسرع في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها ويدقق النظر فيها " (2)، وقال في حديث استنكره ابن تيمية: " استنكره شيخ الإسلام ولو صحت عن رسول الله لم نعبأ باستنكاره " (3)، ويقول الشيخ محمد الكوثري قاضي الدولة العثماني عن تضعيف ابن تيمية للأحاديث وعن آرائه التي تخالف النصوص: فمثل هذا الشيخ الحراني لا يمكن أن يوزن في كفة وأئمة علوم شتى المذاهب في كفة أخرى، إن ما ألفه ابن تيمية في أواخر عمره متوغل في الفساد " (4).
ولقد أخذ ابن تيمية على عاتقه التشكيك في كل حديث يتعلق بأهل البيت حتى ولو كان هذا الحديث في الصحاح، وعلى سبيل المثال قال في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن علي " إنه لعهد النبي الأمي إلي أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق "، قال: في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق (بغض الأنصار. وقال: لا يبغض الأنصار رجل مؤمن بالله واليوم الآخر. فإن هذه الأحاديث أصح مما يروى عن علي أنه قال: لعهد النبي الأمي إلي... "، فإن هذا الحديث رواه مسلم.