كانت هذه حركة سفيان حتى وفاته عام 161 ه وإذا أردنا أن نقدم شهادة سفيان فإننا في الوقت نفسه نقدم حركته. وفي شهادته على عصره سألوه معاملة الأمراء أحب إليك أم غيرهم؟ فقال: معاملة اليهود والنصارى أحب إلي من معاملة هؤلاء الأمراء (1). وقال: القبول مما في أيديهم من استحلال المحارم، والتبسم في وجوههم علامة الرضا بفعالهم، وإدمان النظر إليهم يميت القلب (2). وقال: لا تنظروا إلى الأئمة المضلين إلا بإنكار قلوبكم عليهم لئلا تحبط أعمالكم (3).
هذا هو سفيان الثوري الذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، ولكن أين ذهب فقه هذا الشيخ؟ وقد قال عنه ابن العماد: ومات سفيان بالبصرة متواريا، وكان صاحب مذهب، وقال ابن رجب: وجد في آخر القرن الرابع سفيانيون ومناقبه تحتمل مجلدات " (4)، في الحقيقة ما كان لفقه الباحث عن الحقيقة أن يبقى في عالم طعامه أشبه بطعام الدجال. لقد رفسوا فقهه بعد مماته بعد أن رفسوه في حياته، ولقد تتبعت رحلة البحث لهذا الشيخ فما وجدت عليها إلا التعتيم الشديد، الأمر الذي دعاني للبحث عنه في مصادر عديدة كي أقف على ما وصل إليه، وفي بحار الأنوار قرأت أن سفيان الثوري سمع حديثا يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: نعيت إلى نفسي.... نصر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم يسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهم قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم، أيها الناس إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا ولن تزلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي