رسول الله، فبعد كل هذا لا عجب إذا رأيت النتيجة بعد ستين سنة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم: " يكون خلف بعد ستين سنة أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، فسوف يلقون غيا. ثم يكون خلف يقرأون القرآن لا يعدو تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن ومنافق وفاجر " (1).
أنظر إلى قوله: " يكون خلف " ثم تدبر القول، وعندئذ سترى طابورا طويلا يعرف بعضهم بعضا وإن لم يلتقوا، ثم انظر إلى قوله: " يقرأون القرآن لا يعدو تراقيهم " ثم إرجع وتدبر عملية العزل والتفريغ، وعندئذ ستعلم أن هؤلاء نتيجة لا غبار عليها لمقدمة لا غبار عليها، ثم انظر إلى قوله: " ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن ومنافق وفاجر "، ثم ارجع وتدبر المعارك من أجل إقامة الدين والمعارك من أجل طلب الدنيا. أنظر! إن الجميع هنا وهناك يقرأون القرآن، ولكن لكل قراءة قبله، فالمنافق كافر به، والفاجر يتأكل منه، والمؤمن يؤمن به. الجميع يقفون على أرض واحدة وتحت أعلام الإسلام، ولكن الأهداف تحت الأعلام ليست واحدة.
نعم. إن الجميع يقرأون القرآن، ولكن هل القرآن شفاء للجميع؟ عليك أن تتدبر قوله تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) (2)، هل تدبرت؟ إن كل حركة في هذا الكون تخضع لرواية، وكل ساكن في هذا الكون منظور، وما تسقط من ورقة إلا ويعلمها الذي خلقها، وكذلك الذين تفرقوا لن يجدي عنهم قراءة القرآن الذي لا يجاوز تراقيهم، فهم تحت الرقابة ينظر الله كيف يعملون. وسبحانه يعلم من قبل أن يتفرقوا أنهم سيتفرقون وأن طريق الافتراق سيقودهم إلى سنن الذين من قبلهم، وهناك تراهم على منحدرات الأودية كالغثاء العفن قال النبي صلى الله عليه