شبهنا بهم، والذي نفسي بيده لتتبعنهم حتى لو دخل الرجل منهم جحر ضب لدخلتموه " (1) لقد شهد ابن عباس " ما أشبه الليلة بالبارحة " ويا لها من شهادة!.
وإذا أردنا أن نرصد شهادة على المساحة الزمنية الممتدة حتى عام 161 ه فلن نجد أفضل من شهادة سفيان الثوري، فلقد جاء في زمن لا يدري فيه القاتل في أي شئ قتل ولا يدري المقتول في أي شئ قتل (2). يقول ابن كثير: سفيان الثوري أحد أئمة الإسلام وعبادهم والمقتدى به، وقال يحيى بن معين وغير واحد: هو أمير المؤمنين في الحديث وقال شعبة: ساد الناس بالورع في زمانه وقال أحمد: لا يتقدمه في قلبي أحد (3). وكان سفيان كثير الحط على المنصور لظلمه وأراد المنصور قتله مما أمهله الله (4). وحاول المهدي إغراؤه بالمال والمنصب وكتب له على قضاء الكوفة، فرمى سفيان الكتاب في دجلة وهرب (5). وكان يقول: من لاق لهم دواة أو برى لهم قلما فهو شريكهم في كل دم (6). وعندما قرأ حديث " هلاك أمتي على أيدي غلمة من قريش سفهاء " قال:
ما أشبه طعامهم إلا بطعام الدجال (7). وكان يقول ليوسف بن أسباط: يا يوسف لا تكن من قراء الملوك، ولا تكن فقيه السوق، وما أقبح قراءة ليس معها زهد، وأن دعاك الملوك على أن تقرأ عليهم (قل هو الله أحد) فلا تفعل (8). وقال له: ما رأينا الزهد في شئ أقل منه في الرآسة، ترى الرجل يزهد في المال والثياب والمطعم، فإذا نوزع في الرياسة، جابى عليها وعادى (9).