أبي بن كعب وحذيفة بن اليمان، فأما شهادة أبي بن كعب فلقد سجلت حب الناس للدنيا في عهد عمر. روى مسلم عن عبد الله بن الحارث قال: كنت واقفا مع أبي بن كعب فقال: لا يزال الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا " (1)، وأما شهادة حذيفة فلقد سجلت ظهور النفاق، روى البخاري عنه أنه قال: " إنما كان النفاق على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأما اليوم فإنما هو الكفر بعد الإيمان " (2)، وقال فيما رواه البخاري أيضا: " إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون " (3) وروى البزار بسند صحيح عن أبي وائل قال: قلت لحذيفة النفاق اليوم شر أم على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فضرب على جبهته وقال: أوه، هو اليوم ظاهر إنهم كانوا يستخفون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " (4).
أما الحلقة الثانية من الشهود فتمتد حتى عهد الوليد بن عبد الملك. فأبو برزة الأسلمي سجلت شهادته القتال على الملك خلال هذه الفترة. عن أبي المنهال قال: لما كان ابن زياد ومروان بالشام ووثب ابن الزبير بمكة ووثب القراء بالبصرة، انطلقت مع أبي إلى أبي برزة الأسلمي فقال أبي: يا أبا برزة ألا ترى ما وقع فيه الناس؟ فقال: إني احتسبت عند الله أني أصبحت ساخطا على أحياء قريش، إنكم يا معشر العرب كنتم على الحال الذي علمتم من الذلة والقلة والضلالة، وإن الله أنقذكم بالإسلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم حتى بلغ ما ترون، وهذه الدنيا أفسدت بينكم، إن ذاك الذي بالشام والله إن يقاتل إلا على الدنيا، وإن هؤلاء الذين بين أظهركم والله إن يقاتلون إلا على الدنيا، وإن ذاك الذي بمكة والله إن يقاتل إلا على الدنيا " (5).