عود الصليب فويح نفسي من رأى * منكم صليبا مثله معبودا فسألت ربي أن أكون مكانه * وأكون في لهيب الجحيم وقودا (1) وقال ابن كثير: قال القاضي أبو الفرج: أخبار الوليد كثيرة، قد جمعها الإخباريون مجموعة ومفردة، وقد جمعت شيئا من سيرته وأخباره، ومن شعره الذي ضمنه ما فجر به من جرأته وسفاهته وحمقه وهزله ومجونه وسخافة دينه، وما صرح به من الالحاد في القرآن العزيز، والكفر بمن أنزله وأنزل عليه (2).
هذا هو الخليفة الذي يصدر القوانين، وقيل: الذي يقوم بأمر الدين، وقيل: صاحب الجماعة التي إذا خرج منها واحد مات ميتة جاهلية. فمن الذي يجرؤ أن يقيم الحد على الوليد أعلى سلطة في الدولة؟ إن الوليد ما كان يرتعد إلا من صوت الحق. كانت دقات قلبه تقشعر من رعدة الخوف، لهذا كان يبعث بمن يأتيه بخبر أي تحرك. وما أن يخبروه، حتى يصدر أوامره للجلادين وقطاع الطرق والرقاب، وعلى الأعواد تصلب الأجساد، وبعد ذلك يخرج الوليد إلى مستنقع الرجل الذي لا يقام للقتل وإنما للهو الذي خرج من معطف المرجئة الذين فصلوا الإيمان عن العمل.
وأفعال الوليد وأقواله لم تأت فجأة ولم تذهب سدى، فكما أن الوليد استلم مشاعلها فكذلك قام بتسليم مشاعلها وعلى امتداد هذا الطريق صلب أكثر من واحد من الذين عارضوا هذا العبث. وعن مشاعل الوليد يقول د. خليف:
إننا أمام ظاهره اجتماعية شديدة الخطر لمن يسبق للمجتمع الإسلامي أن شهد مثلها، فلأول مرة في تاريخ هذا المجتمع، نجد أنفسنا أمام خليفة ماجن متهتك خليع، نسي أنه أميرا للمؤمنين وأنه أمام المسلمين. فاندفع في حياة لاهية مستهترة حتى أطلق عليه " الخليع " والناس على دين ملوكهم. وفعلا اندفع كثير من الناس يقلدون خليفتهم. دون أن يجدوا في ذلك حرجا عليهم، أو يخشوا تنفيذ الحدود فيهم.. فإن الخليفة الوليد بن يزيد. لم يجد أحدا ينفذ فيه الحد،