أيديهم. أما رأس الحسين عليه السلام، فهي أول رأس رفع على خشبة (1).
ودخل الموكب إلى قصر الإمارة. فقام عبيد الله بن زياد، ونودي الصلاة جامعة فاجتمع الناس في المسجد، فصعد المنبر ابن زياد فقال: الحمد لله الذي أظهر الحق ونصر أهله ونصر أمير المؤمنين يزيد بن معاوية، وحزبه وقتل الكذاب بن الكذاب، الحسين بن علي وشيعته. فلم يفرغ ابن زياد من مقالته، حتى وثب عليه عبد الله بن عفيف، وكان من شيعة علي عليه السلام، وكانت عينه اليسرى ذهبت يوم الجمل مع علي، فلما كان يوم صفين، ضرب على رأسه ضربة، وأخرى على حاجبه، فذهبت عينه الأخرى، فكان لا يفارق المسجد يصلى فيه إلى الليل، فلما سمع مقالة ابن زياد قال: يا ابن مرجانة إن الكذاب ابن الكذاب، أنت وأبوك، والذي ولاك وأبوه، يا ابن مرجانة أتقتلون أبناء النبيين وتتكلمون بكلام الصديقين! فقال ابن زياد علي به. فوثب عليه الجلاوزة فأخذوه، ثم أمر بقتله، وأمر بصلبه في السبخة، فصلب (2).
وفي القصر جلس ابن زياد للناس، وجاءت الوفود فأدخلهم. يقول حميد بن مسلم: وأذن للناس، فدخلت معهم، فإذا رأس الحسين موضوع بين يديه، وإذا هو ينكث بقضيب بين ثنيتيه. فما رآه زيد بن أرقم، لا ينجم عن نكته بالقضيب قال له: أعل بهذا القضيب، عن هاتين الثنيتين، فوالذي لا إله غيره، لقد رأيت شفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، على هاتين الشفتين يقبلهما، ثم بكى زيد. فقال له ابن زياد: أبكى الله عينيك، فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت، وذهب عقلك لضربت عنقك. فنهض فخرج. فلما خرج قال الناس: والله لقد قال زيد بن أرقم قولا لو سمعه ابن زياد لقتله.
فقلت: ما قال. قالوا: مر بنا وهو يقول: ملك عبد عبدا، فاتخذهم تلدا، أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة وأمرتم ابن مرجانة، فهو يقتل خياركم، ويستعبد شراركم، فرضيتم بالذل فبعدا لمن رضي