سيفا من خشب، فهذا سيفي فإن شئت خرجت به معك، فقال الإمام: لا حاجة لنا فيك ولا في سيفك. ورجع من باب الحجرة ولم يدخل " (1).
لقد رجع الإمام دون أن يوجه أي اتهام إلى أن أحد. فكما ذكرنا أن المقام مقام حجة، والاختيار مفتوح. وهو يأخذ بالأسباب ويكدح من أجل نهاية سيقتل عندها. والله يفعل ما يريد. ليبتلي الحاضرين وينظر كيف يعملون ويبتلي الذين من بعدهم في مواقفهم من هذه الأحداث. والإمام قبل اتخاذه قرار الحرب في جميع معاركه. كان يشاور ثم يضع الجميع أمام قراره وفي قراره لا تجد إلا مصلحة الدعوة فعن طارق بن شهاب قال: رأيت عليا عليه رحل رث بالربذة وهو يقول للحسن والحسين: ما لكما تحنان حنين الجارية. والله لقد ضربت هذا الأمر ظهرا لبطن. فما وجدت بدا من قتال القوم أو الكفر بما أنزل على محمد " (2)، إن الإمام إذا رفض القتال فلا معنى لعهد النبي له بقتال الناكثين والفاسقين والمارقين. لذا فهو يخوض الصعب. ولا يخوض الصعب أحد سواه.
وعلى طريق الصعب كان يخفف عن اتباعه فيخبرهم قبل كل معركة خاضها بنتيجتها وأهم معالمها. قال ذلك يوم الجمل وأيام صفين وفي قتال الخوارج.
وروي عن ابن عباس قال: لما بلغ أصحاب علي حين ساروا إلى البصرة. أن أهل البصرة وليقتلن طلحة والزبير. وليخرجن إليكم من الكوفة ستة آلاف وخمسمائة رجلا... " (3)، ولقد تحدثنا من قبل أن ابن عباس وجد أن العدد كما ذكر الإمام وذلك لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره.
والخلاصة: أن مجمل الصعوبات التي واجهت الإمام كانت نتيجة لعدم الرواية بعد رسول الله. فهناك أحاديث تحذير فيها أسماء رؤوس الفتن كل ذلك على امتداد ربع قرن كان قد ضاع من ذاكرة البعض أو تناسوه كما في حديث حذيفة.
ومن الأسباب أيضا تعدد مصادر الفتوى ومنها من لا يصل بالإنسان إلى حقيقة.