حتى اختلفت أعناق دوابهم فقال الإمام: لعمري قد أعددتما سلاحا وخيلا ورجالا. فهلا أعددتما عذرا يوم القيامة فاتقيا الله. ولا تكونا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا. ألم أكن حاكما في دمكما. تحرمان دمي وأحرم دمكما فهل من حدث أحل لكم ذمي؟ قال طلحة: ألبت الناس على عثمان. فقال الإمام:
يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق. يا طلحة، تطلب بدم عثمان! فلعن الله قاتل عثمان! يا طلحة أجئت بعرس رسول الله تقاتل بها وخبأت عرسك في البيت، أما بايعتني؟ قال: بايعتك والسيف على عنقي!! ثم قال الإمام: يا زبير ما أخرجك؟
قال: أنت! ولا أراك لهذا الأمر أهلا ولا أولى به مني!!؟ فقال الإمام: ألست له أهلا بعد عثمان. قد كنا نعدك من بني عبد المطلب حتى بلغ ابنك ابن السوء ففرق بيننا " (1).
لقد كان الزبير أكثر صراحة. فعندما سأله الإمام عن سبب الخروج. حدثه عن الحكم والكرسي. وبعد هذا الحديث عادت الخيول إلى مواقعها. ثم وقف الإمام علي بين الصفين ودعا الزبير وقال: أنت آمن. تعالى حتى أعلمك. فأتاه.
فقال له الإمام: أنشدك الله؟ أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
إنك تقاتل عليا وأنت له ظالم؟ قال: نعم ولم أذكر ذاك إلا في مقامي هذا. ثم انصرف (2). وفي رواية: لتقاتلنه وأنت له ظالم ثم لينصرن عليك. قال: قد سمعت لا جرم. لا أقاتلك (3) وعندما انصرف قال له ابنه: ما لك؟ فقال: ذكرني علي حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول: لتقاتلنه وأنت له ظالم. فقال عبد الله ابنه: وللقتال جئت! إنما جئت تصلح بين الناس.
ويصلح الله هذا الأمر. قال: لقد حلفت أن لا أقاتله فقال: فاعتق غلامك وقف.