ثانيا - أيام صفين في سنة ست وثلاثين قامت موقعة الجمل وانتهت. وقيل: إنه كان بين خلافة علي إلى وقعة الجمل خمسة أشهر وإحدى وعشرون يوما. وقتل في هذه الوقعة ما يقرب من عشرين ألفا منهم خمسة آلاف من قوات أمير المؤمنين.
وبينما الدماء لم تجف بعد، وإذا بمعاوية بن أبي سفيان يخرج على رأس أهل الشام في خمس وثمانين ألف مقاتل، ليقابل جيش أمير المؤمنين بعد فراغه من يوم الجمل بحوالي أربعة أشهر. وبقراءة سريعة لخلفية معاوية نجد أن عمر بن الخطاب ولاه الشام بعد موت أخيه يزيد. وكانت وصية هند لولدها معاوية " إن هذا الرجل استنهضك في هذا الأمر. فاعمل بطاعته فيما أحببت وكرهت " (1)، ووصاه والده أبو سفيان: " وقد ولوك جسيما من أمورهم فلا تخالفهم. فإنك تجري إلى أمد. فنافس فإن بلغته أورثته عقبك " (2)، وكان معاوية يقول لعمر:
" مرني يا أمير المؤمنين بما شئت. فيقول له: لا آمرك ولا أنهاك " (3)، وكان عمر لا يذكر معاوية إلا بخير. كان يقول للناس: " تذكرون كسرى وعندكم