على الحق، والحارث ما قال ذلك إلا من بريق العناوين التي يحملها هؤلاء.
ولكن الإمام في إجابته أخذ الحارث بعيدا عن البريق والزخرف. فقال: يا حارث. إنك نظرت تحتك ولم تنظر فوقك: إن الحق والباطل لا يعرفان بالناس. ولكن اعرف الحق باتباع من اتبعه. والباطل باجتناب من اجتنبه (1).
وعلق الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال على هذا القول فقال: العاقل من يقتدي بسيد العقلاء علي كرم الله وجهه حيث قال: " لا يعرف الحق بالرجال اعرف الحق تعرف أهله ".
وإذا كانت هناك عقبات فكرية قد واجهت الإمام. فلقد رأينا كيف تعامل الإمام مع أصحاب هذا الفكر بالمنطق وإقامة الحجة. وبنفس المنطق واجه الإمام العقبات التي واجهته عند التعبئة العامة قبل الحرب، وكما ذكرنا أن بعض الأحاديث قد ظهرت على السطح ويكمن فيها الاعتزال في غير موضعه. ومن هذه الأحاديث ما روي عن الأحنف أنه قال: خرجت وأنا أريد نصر ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيني أبو بكرة فقال: يا أحنف ارجع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. فقلت: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟
قال: إنه قد أراد قتل صاحبه " (2)، يقول سعيد حوي وهو يعقب على هذا الحديث: إن القتال مع علي بن أبي طالب كان حقا وصوابا. ولكن أبو بكرة حمل حديثا ورد في غير الحالة التي قاتل فيها علي. على حالة قتال علي للباغين. وهو فهم من أبي بكرة. ولكنه فهم في غير محله. ومن هذه الروايات ندرك أن عقبات متعددة واجهت عليا في معركته مع الآخرين. منها أمثال هذه الفتوى التي هي أثر من الورع أكثر منها أثر عند فتوى تصيب محلها " (3).
وورد عن الإمام علي قد حث الناس أن يعقلوا الخبر فقال: " إعقلوا الخبر