بالقتال وكلموهم بألطف الكلام. فإن هذا مقام من فلج فيه فلج يوم القيامة.
فنادي معسكر عائشة: يا ثأرات عثمان. فقال الإمام: ما يقولون؟ فقال محمد بن الحنفية: يقولون يا ثأرات عثمان فرفع الإمام يديه وقال: اللهم كب اليوم قتلة عثمان لوجوههم (1) اللهم خذ أيديهم وأقدامهم (2)، ثم قال الإمام لأصحابه:
أيكم يعرض عليهم هذا المصحف. فإن قطع يده أخذه بيده الأخرى. فقال له فتى شاب: أنا، قال: اعرض عليهم هذا، وقل هو بيننا وبينكم من أوله إلى آخره. والله الله في دمائنا ودمائكم. فلما جاءهم الفتى حملوا عليه حتى قتل.
فقال الإمام: قد طاب لكم الضراب فقاتلوهم (3).
وما إن بدأت المعركة حتى لاحت هزيمة أصحاب الجمل، يقول ابن كثير.
تقدم علي بالراية. وقتل خلق كثير وجم غفير ولم تر واقعة أكثر من قطع الأيدي والأرجل فيها من هذه الواقعة (4). وقال عبد الله الكاهلي: لما كان يوم الجمل ترامينا بالنبل حتى فنيت وتطاعنا الرماح حتى تكسرت. وتشبكت صدورنا وصدورهم حتى لو سيرت الخيل عليها لسارت. وعلم أهل المدينة بالواقعة يوم الحرب قبل أن تغرب الشمس من نسر مر بماء حول المدينة ومعه شئ معلق فسقط معه. فإذا أكف فيه خاتم نقشه عبد الرحمن بن عتاب وعلم من بين مكة والمدينة والبصرة بالوقعة بما نقل إليهم النسور من الأيدي والأقدام (5)، وكان هدف قوات أم المؤمنين الحفاظ على الجمل. فكان لا يأخذ بالراية ولا بخطام الجمل إلا شجاع معروف (6)، ومن حرص الرجال على الجمل وحبهم له. روي أن رجالا من الأزد كانوا يأخذون بعر الجمل فيفتتونه ويشمونه ويقولون بعر جمل