ومن المعروف أن لقب أمهات المؤمنين لا ينزع عنهن بوفاة الرسول، وإنما هو لقب ملاصق لهن حتى قيام الساعة. ولحاملة اللقب حقوق وواجبات حددها الشرع الحكيم. وهذا الامتداد لا بد له من عين تحرسه. ولقد ورد أنه لا يؤدي عن النبي في حياته إلا علي وبما أن اسم النبي تحمله أمهات المؤمنين ولا ينزع بوفاة النبي فإن الذي يسهر على مصلحة أمهات المؤمنين حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض أو أصحاب المخططات، لا يكون غير رأس الدولة. وهذا على أي حال تفسير لقول الإمام بأن النبي جعله وصيا على أهله وفي أهله. فالسؤال طرح أثناء معركة. وعندما وافقت أم المؤمنين على قول أمير المؤمنين قال: فما لك؟
والله أعلم بمراده. ولقد روى أن أم المؤمنين صفية قالت للنبي لما حضر: فإن حدث حدث فإلي من؟ قال: إلى علي بن أبي طالب " (1)، وبعد أن بين الإمام وصايته. سألها عن قتلة عثمان فقال: أريني قتلة عثمان. فإذا كانت قد جاءت بالقوات من أجل هذا. فعليها إن كانت تعرفهم أن تدل الإمام عليهم كي تجري محاكمتهم وتحقن دماء المقاتلين، وإن كانت لا تعرفهم فما فائدة الحشد - فلقد كان من الواجب أن تعطي للإمام فرصة ليجمع أطراف القضية. وبعد أن قال الإمام هذا انصرف.
وصدر أمر القتال. قال الإمام: عباد الله، اتقوا الله، وغضوا الأبصار.
واخفضوا الأصوات، وأقلوا الكلام، ووطئوا أنفسكم على المنازلة والمجادلة والمبارزة والمناضلة والمبادلة والمعانقة والمكادمة والملازمة فاثبتوا. واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون. ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم. واصبروا إن الله مع الصابرين. اللهم ألهمهم الصبر وأنزل عليهم النصر وأعظم لهم الأجر (2)، ثم نادي مناديه: لا يتبع مدبر. ولا يذفف على جريح، ولا يقتل أسير ومن أغلق بابه فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن (3)، ثم نادي المنادي: لا تبدأوا القوم