يعلم أن الاختبار سنة إلهية جارية، وأن جيله يختبر بأحداث يمثل الإمام نفسه الحق فيها، وأن نتائج هذه الأحداث سوف تمتد إلى أجيال قادمة.
وأول ضوء نلقيه هنا سيكون على ما برز من طروحات فكرية في هذه الآونة، روي أن الحارث الليثي دخل على أمير المؤمنين فقال: يا أمير المؤمنين.
أي فتنة أعظم من هذه، إن أصحاب بدر يمشون بعضهم إلى بعض بالسيف، فقال الإمام: ويحك أتكون فتنة أنا أميرها وقائدها. والذي بعث محمدا بالحق وكرم وجهه. ما كذبت ولا كذبت. ولا ضللت ولا ضل بي. ولا زللت ولا زل بي. وإني لعلى بينة من ربي. بينها الله لرسوله. وبينها رسوله لي. وسأدعى يوم القيامة ولا ذنب لي. ولو كان لي ذنب لكفر عني ذنوبي ما أنا فيه من قتالهم " (1).
وروي أن الإمام خطب الناس فقال عن الفتن: إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع. وأحكام تبتدع. يخالف فيها كتاب الله. ويتولى عليها رجال رجالا... " (2)، وذكر ابن أبي الحديد: إن الإمام تكلم عن الفتنة. فقال:
" عليكم بكتاب الله " أي إذا وقع الأمر واختلط الناس. فعليكم بكتاب الله. وقد قام إليه من سأله عن الفتنة فقال: أخبرنا عن الفتنة وهل سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقد روى كثير من المحدثين عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: إن الله قد كتب عليك جهاد المفتونين. كما كتب علي جهاد المشركين. فقال علي: يا رسول الله. ما هذه الفتنة التي كتب علي فيها الجهاد؟ قال: قوم يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله. وهم مخالفون للسنة. فقلت: يا رسول الله، فعلام أقاتلهم وهم يشهدون كما أشهد؟
قال: علي الإحداث في الدين. ومخالفة الأمر. فقلت: يا رسول الله. إنك كنت وعدتني الشهادة. فأسأل أن يجعلها لي بين يديك. قال: فمن يقاتل الناكثين