الباطل إلى أن يخرج الحق من جنبه. ثم قال: ما لي ولقريش، ولم يقل: ما لي وطلحة والزبير. وذلك لأن الإمام ينظر إلى مساحة طويلة وعريضة. بصفته خبير بمعرفة الرجال، ثم أخبر عن هذه المساحة الطويلة العريضة فقال: لقد قاتلتهم كافرين. ثم قال خاصف النعل الأول. أي نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولأقاتلنهم مفتونين. يقول ابن أبي الحديد: لأن الباقي على الإمام مفتون فاسق (1). ثم ربط الإمام بين ماضي المساحة وحاضرها برباط واحد، فقال: وإني لصاحبهم بالأمس كما أنا صاحبهم اليوم، ثم اختصر أسباب النزاع كله فقال: والله ما تنتقم منا قريش إلا أن الله اختارنا عليهم. فأدخلناهم في حيزنا. هكذا تحدث الإمام بعد إن خصف نعله.
وروي أن الإمام علي بعث إلى أبي موسى بعد أن علم خبره. أنه اختار الكوفة للنزول بين أظهرهم. وإنه اختارهم على الأمصار. لأنهم أشد الناس حبا له. فلما دخل مبعوثا علي قال أبو موسى: أما والله إن بيعة عثمان بن عفان في عنقي وعنق صاحبكما الذي أرسلكما. إن أردنا أن تقاتل لا نقاتل حتى لا يبقى أحد من قتلة عثمان إلا قتل حيث كان " (2)، فانطلق المبعوثان إلى علي بن أبي طالب بذي قار وأخبراه الخبر (3)، فأرسل الإمام علي مبعوثا آخر هو عبد الله بن عباس ومعه الأشتر (4)، وعندما لم تفلح هذه المحاولة أيضا مع أبي موسى.
بعث الإمام بالحسن بن علي وعمار بن ياسر، وروى ابن الأثير. أن عبد الخير الحيواني قال: يا أبا موسى. هل بايع طلحة والزبير؟ قال: نعم، قال: هل أحدث علي بن أبي طالب ما يحل به نقض بيعته. قال: لا أدري، فقال: لا دريت، نحن نتركك حتى تدري، هل تعلم أحدا خارجا من هذه الفتنة، إنما الناس أربع فرق، علي بظهر الكوفة، وطلحة والزبير بالبصرة. ومعاوية بالشام، وفرقة بالحجاز لا غناء بها ولا يقاتل بها عدو، قال أبو موسى: أولئك خير