الكتاب (1)، فمعاوية وسرجون كتبا الكتب وأودعوها الخزائن، فكل حدث يحدث له في الخزينة كتاب، وسنرى فيما بعد عهد معاوية ليزيد في أحداث الحرة، حيث أوصى معاوية لمسلم بن عقبة ليذل به الأنصار.
وبينما كان سرجون يخطط في دار الخلافة، كان مروان بن الحكم يخدمه في مكان آخر سواء أكان في الحكم أو في خارجه. فهو في هذه الآونة كبير بني أمية، وبكر أبناء الحكم بن العاص الذي لعنه النبي صلى الله عليه وسلم ومروان في صلبه. وبين هؤلاء وقف عبد الله بن الزبير، وكان قد تثاقل عن مبايعة يزيد، وذهب إلى مكة ودعا الناس إليه، وعبد الله كان علما من أعلام يوم الجمل، وهو الذي أفسد أبيه، وكان الكرسي أملا من آماله.
وبعيدا عن هؤلاء وقف عبد الله بن عمر بن الخطاب، ولم يكن مصدر خطورة لأحد، فهو لم ينصر علي وبايع يزيد، ووقف في وجه الخارجين عليه يوم الحرة، ثم بايع عبد الملك بن مروان. وبعد ضرب الكعبة طاف ابن عمر بها، وطاف معه الحجاج بن يوسف. وكان قد أمره عبد الملك أن يأخذ مناسكه عن عبد الله وسيأتي ذلك في موضعه.
والخلاصة: كانت الأحداث على أبواب خروج الحسين، يديرها سرجون ومعاوية - وإن كان قد مات - ويزيد، وكان ربان السفينة عبيد الله بن زياد، السفاح الذي تتوارى أمامه خجلا أفعال بسر بن أرطأة، وسمرة بن جندب، وغيرهما رغم قسوتها. وكانت الأحداث تبشر بثقافة لا تنتج إلا جيلا متسلقا يبحث عن السلطة، أو جيلا حاملا ليس عنده المقدرة ليميز بين الصالح وبين الطالح، وبين ما هو رجس وما هو طاهر. وبالجملة: كان الجيل الأول في القرن الأول أمام امتحان لا إجبار فيه، إما أن يختار يزيد ويقف معه لتصفية معارضيه، كابن الزبير والخوارج ليستقيم الملك للأسرة الأموية، وإما أن ينقبوا فيما حولهم ويقرؤون الأحداث على وجهها الفطري، بعيدا عن زخرف أعلام المعارضة، وبريق