أقدم عليكم وشيكا أن شاء الله. فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب والأخذ بالقسط والدائن بالحق والحابس نفسه على ذات الله. والسلام (1).
وبعث الحسين إليهم مسلم بن عقيل، وكان ذلك لثمان ليال ماضين من ذي الحجة سنة 60. وكان الحسين قد خرج من المدينة إلى مكة لليلتين بقيتا من رجب سنة 60. وأقام بمكة شعبان وشهر رمضان وشوال وذا القعدة، ثم خرج منها لثمان ماضين من ذي الحجة يوم التروية (2)، وكان مسلم بن عقيل قد بعث إليه من الكوفة: " أما بعد، فإن الرائد لا يكذب أهله، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا، فعجل الاقبال حين يأتيك كتابي، فإن الناس كلهم معك، ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوى والسلام (3).
وروي أن الحسين بعد أن وصلت إليه رسائل أهل الكوفة، وعلم أن هوى أهل البصرة ليس مع آل معاوية، بعث مع مولى لهم يقال له سليمان بكتاب إلى رؤوس الأخماس بالبصرة وإلى الأشراف قال فيه: أما بعد. فإن الله اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم على خلقه، وأكرمه بنبوته، واختاره لرسالته ثم قبضة الله إليه. وقد نصح لعباده وبلغ ما أرسل به صلى الله عليه وسلم وكنا أهله وأولياءه وورثته، وأحق الناس بمقامه في الناس، فاستأثر علينا قومنا بذلك، فرضينا وكرهنا الفرقة، وأحببنا العافية. ونحن نعلم أنا أحق بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه، وقد أحسنوا وأصلحوا، وتحروا الحق فرحمهم الله وغفر لنا ولهم، وقد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب. وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، فإن السنة قد أميتت، وإن البدعة قد أحييت، وإن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد. والسلام عليكم ورحمة الله (4). وروى أن أشراف أهل البصرة عندما قرؤا الكتاب كتم غير