معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٢٥٥
أهدافها التي ما هي إلا سراب. ويساعدهم في ذلك مخزونهم الفطري الذي هو حجة بذاته، وما حفر في دائرة ذهنهم من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يختاروا لأنفسهم الدائرة التي لا ترى عندها زخرفا أو بريقا، وإنما أخبار بحياة كريمة من ورائها موت وبعث وحساب، يترتب عليه أما جنة وإما نار...
لقد كانت الساحة تعج بأعلام الزينة والإغواء وعلى طرقها تسير قوافل الاحتناك، وكانت هناك حجة من الله على هذا الأعلام وهذه القوافل، حتى لا تكون لهم على الله حجة يوم القيامة. وحجة الله ظاهرة ولا تفرض نفسها على أحد، وإنما تأخذ الحجة بالأسباب في مخاطبة الناس كي يساعدهم ذلك في الالتفاف حول طوق النجاة.. وشاء الله أن يكون الحجة في هذه الساحة مقتولا، وشاء الله أن يكون الناس على علم بأنه مقتول حتما، وشاء سبحانه أن يكون في الخندق المقابل للحجة أهل دنيا معهم الأعلام التي يزينها البريق، وهنا يكون الابتلاء - فمن سيقف في ساحة الدماء؟ ومن سيقف في ساحة الدينار والدرهم؟
إن الجيل الأول في القرن الأول كان في مفترق طرق. لأن الحجة في سنن الوجود يحب أن يهرع إليه الناس ما دام فيه من الله برهان. لأن الناس مطالبون بحركة لينظر الله كيف يعملون، قال تعالى: " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " (1). فالخطوة الأولى منهم، فإذا جاهدوا فيه عند المقدمة، ترتب على ذلك عطاء الله إن كانوا صادقين. وقال تعالى: " ولينصرن الله من ينصره " (2)، وقال: " إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى " (3)، لقد آمنوا أولا فزادهم الله هدى، فإذا هرع الناس إلى الحجة، سلك بهم طرق الدنيا عن طريق الدين.
فالدين طريقة خاصة في الحياة تؤمن صلاح الدنيا بما يوافق الكمال الأخروي، والحياة الدائمة الحقيقية. والسعادة الحقيقية يصل إليها الإنسان. أو يعمل في الوصول إليها. عندما يكون مؤمنا بالله وكافرا بالطاغوت.

(1) سورة العنكبوت: الآية 69.
(2) سورة الحج: الآية 40.
(3) سورة الكهف: الآية 13.
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459