أخاف عليك ما أروي عديا * وشيخا في دمشق له زئير يرى قتل الخيار عليه حقا * له من شر أمته وزير (1) وروي أن حجرا أوصى قبل قتله فقال: لا تغسلوا عني دما، ولا تطلقوا عني قيدا، وادفنوني في ثيابي، فأنا سألقى معاوية غدا (2). وفي رواية: فإني لاق معاوية بالحادة، وإني مخاصم (3).
وقتل أصحاب عذراء الذين وصفهم الحديث بأن مثلهم كمثل أصحاب الأخدود. لقد لفت النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأنظار إليهم، ليعلم الذين عاصروا الحدث حقيقة الأحداث. فحجر لم يكن مجرد قتيل، ولكنه شاهد على تاريخ مضى، وشاهد على إمارة تقلدها رجل وقع في دائرة اللعن يوم غدير خم، يوم أن قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لعن الله من ادعى إلى غير أبيه... ". وكان حجر شاهدا أيضا على كرسي كبير يجلس عليه شيخ في دمشق له زئير، وهذا أيضا مخالف لما قيل يوم الغدير. ترى هل فهم أحد يومئذ الحكمة التي رواء قتل حجر. إنني أميل إلى القول بأن الكثرة لم تفهم المغزى بدليل أن حجرا دعا ربه وقال: اللهم إنا نستعديك على أمتنا، فإن أهل الكوفة شهدوا علينا وإن أهل الشام يقتلوننا. وأغلب الظن أن أهل الشام ما كانوا في حاجة إلى شهود، فالذي يضيع الصلاة على أقل تقدير ليس بعيدا عليه أن يضيع الشهود - وها هو سمرة بن جندب الذي قتل الآلاف وما خاف أن يكون فيهم بريئا واحدا.
وبعد أن فرغ معاوية من قتل حجر ورفاقه ذهب إلى المدينة، وروي أنه دخل على عائشة ولم يشهد كلامهما أحد إلا ذكوان مولى عائشة (4)، فقالت: ما حملك على قتل أهل عذراء حجر وأصحابه؟ قال: يا أم المؤمنين، إني رأيت