إن العلم قبض تحت هذه الأعلام عندما استبعدوا حملته. وعن زياد بن لبيد قال: قلنا يا رسول الله، وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن، ويقرئه أبنائنا، ونقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة؟ فقال النبي: ثكلتك أمك يا ابن أم لبيد، إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة، أوليس هذه اليهود والنصارى يقرأون التوراة والإنجيل لا ينتفعون بما فيها بشئ (١). إنه عالم معاوية ويزيد الذين سهروا على ثقافة تأتي بخلف يقرأون القرآن لا يعدوا تراقيهم وتحت أعلامهم يقرأ القرآن منافق كافر به وفاجر يتأكل منه. إنه العالم الذي قام بالتعتيم على الخط الرسالي. حتى جاء الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا. ولقد ركبوا بذلك سنن الذين من قبلهم. يقول تعالى بعد أن ذكر أنبياءه ورسله: (أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم * وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا * فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة، واتبعوا الشهوات، فسوف يلقون غيا * إلا من تاب وآمن وعمل صالحا، فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا) (٢)، قال المفسرون: وقوله تعالى: (وممن هدينا واجتبينا) معطوف على قوله: " من النبيين "، وهؤلاء غير النبيين من الذين أنعم الله عليهم، فإن هذه النعمة غير خاصة بالنبيين ولا منحصرة فيهم، بدليل قوله تعالى:
﴿ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا﴾ (٣). ومن الدليل أيضا أن الله تعالى قال: (واذكر في الكتاب مريم) ومريم ليست من النبيين. وكانت من الصديقين لقوله تعالى:
﴿وأمه صديقة﴾ (4)، فالمراد بقوله تعالى: (وممن هدينا واجتبينا) غير النبيين من الصديقين والشهداء والصالحين لا محالة. فهل