كافر به، والفاجر يتأكل منه، والمؤمن يؤمن به (1). والمال هو الباب الوحيد الذي تخرج منه هذه الأجيال المنافقة الفاجرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
" مما أتخوف على أمتي أن يكثر فيهم المال حتى يتنافسوا، فيقتتلوا عليه. وإن مما أتخوف على أمتي أن يفتح لهم القرآن حتى يقرأه المؤمن والكافر والمنافق، فيحل حلاله المؤمن ابتغاء تأويله " (2). ومما هو محفوظ أن القرآن قد فتح للصالح والطالح منذ زمن بعيد، يوم أن قال الناس حسبنا كتاب الله، ولم يكن في الساحة وقتئذ العالم بتأويله، الأمر الذي أدى إلى تشعبات كانت الأمة في غنى عنها. وبعد عهد يزيد سارت أعلام بني أمية على الطريق الذي يضيعون فيه الصلاة، حتى جلس الوليد بن عبد الملك على رقبة الأمة. وروي أنه جلس يوم الجمعة على المنبر حتى اصفرت الشمس، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إن الوقت لا ينتظرك، وإن الرب لا يعذرك. قال: صدقت. ومن قال مثل مقالتك فلا ينبغي له أن يقوم مثل مقامك، ثم نادى: من هاهنا من أقرب الحرس يقوم إليه فيضرب عنقه (3).
إنه طريق إضاعة الصلاة، حتى أن سفيان الثوري كان يقول في الذين على طريق السلطان: لولا أن تكون سبة ما صليت على من يأتي السلطان حتى يكونوا عبرة (4)، وقال وهيب: هؤلاء الذين يدخلون على الملوك. إنهم لأضر على الأمة من المقامرين (5)، وقال سفيان: القبول مما في أيديهم من استحلال المحارم، والتبسم في وجوههم، علامة الرضا بفعالهم، وإدمان النظر إليهم يميت القلب (6). وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قال الرجل