بعث الله نبيا بعد محمد صلى الله عليه وسلم أمركم بهذه الصلاة (1)، وعن أبي العالية قال: أخر ابن زياد الصلاة، فأتاني عبد الله بن الصامت فذكرت له صنيع ابن زياد، فعض على شفتيه وضرب فخذي وقال: إني سألت أبا ذر كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت على فخذك وقال: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فضرب فخذي كما ضربت وقال: صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتك معهم فصل ولا تقل إني قد صليت ولا أصلي (2). وكان سفيان الثوري يقول: يا؟ أظن الصلاة تقبل إلا أن الصلاة خير من تركها (3)، كان هذا في مرحلة تأخير الصلاة. وهذه المرحلة تبعتها أخرى في ساحة ترفع ثقافة السب وتحرص عليها. فعن أم الدرداء قالت: دخلت على أبي الدرداء وهو مغضب. فقلت: من أغضبك، قال: والله لا أعرف فيهم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم شيئا إلا أنهم يصلون جميعا - يعني صلاة الجماعة (4). وروى البخاري: دخل الزهري على أنس فوجده يبكي، فقال: ما يبكيك؟ قال: لا أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة. وهذه الصلاة قد ضيعت (5). أما أبو الدرداء الذي شهد بأنه لا يعرف فيهم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم شيئا إلا صلاة الجماعة، فلقد مات قبل وفاة عثمان بن عفان بسنتين (6). بمعني: أنه شهد ما رآه في خلافة عثمان على أقل تقدير. أما أنس فلقد عاش إلى ما بعد زمن الحجاج بن يوسف، وروي أنه مات سنة إحدى وتسعين وكان عمره مائة سنة إلا سنة (7)، فأبي الدرداء شهد الصورة فقط. أما أنس فلقد شهد الضياع في عهد بني أمية. وإذا سألنا: كيف ضاعت الصلاة بعد وفاة النبي بمدة قليلة؟ نقول: ضاعت عندما
(٢٠٩)